بكين ــ شربل كريّمتقف في قلب القرية الأولمبية الواقعة شمال العاصمة الصينية بكين، وتنظر مليّاً من دون أن تشاهد «عش الطير»، الملعب الرئيسي لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي تستضيفها بكين من 8 إلى 24 الجاري. غيمة رمادية غريبة تحجب رؤية كل شيء، وهي تبدو كالضباب الذي يجول في المرتفعات خلال فصل الشتاء، الأمر الذي يثير قلق المنظمين عشية افتتاح الأولمبياد، وخصوصاً أن اللجنة الأولمبية الدولية سبق أن انتقدت الصين بشدّة بسبب ارتفاع معدل التلوث في العاصمة، مشيرةً إلى إمكان إلغاء بعض المنافسات جرّاء هذا الموضوع، وتحديداً سباق الماراثون.
القلق لا يبدو فقط عند السلطة الرياضية الأعلى، إذ برز تصريح لافت لمدرب منتخب هولندا الأولمبي، فوبي دي هان، الذي تساءل عن كيفية لعب كرة القدم في الوقت الذي يصعب فيه رؤية الملعب على بعد أمتارٍ قليلة بسبب كثافة التلوث!
وإذ يقول الصينيون إنهم يعملون بكل جهدهم للتخفيف من حدّة ما سمّته وسائل الإعلام «أزمة حقيقة»، لا يبدو أنه سيكون بمقدورهم إيجاد حلّ جذري، وهم تنفسوا الصعداء بعض الشيء بعدما خفّف رئيس اللجنة الطبية في اللجنة الأولمبية الدولية من سوء الوضع، لكن هذا الأمر لم يحل دون اتخاذ البعثات إجراءات خاصة، ومنها البعثة اليابانية، حيث وزّع القيّمون على أفرادها الكمامات.
وتتركز الإجراءات الصينية حالياً للحدّ من التلوث على تجميد مليون سيارة عن التجوّل في شوارع العاصمة المكتظة، إضافة إلى إجبار سائقي سيارات الأجرة على تعديل سياراتهم وفق معايير معينة ووقف بعض المصانع عن العمل، إلا أن هذه الخطوات قد لا تكون كافية لاستعادة لون السماء الطبيعي، لكنها من دون شك ستوفر أجواءً مناسبة تماماً لإجراء منافسات «نظيفة»، وخصوصاً تلك التي ستستضيفها الطرقات العامة.
ومن وجهة نظر محايدة عمّا روّجته وسائل إعلام عدة، تبدو الأجواء قابلة لإجراء هذه السباقات وإبعاد شبح تخوّف أبطالها من تأثرهم سلباً جراء التلوث، وقد أكد بعضهم مشاركتهم بعد تلويحهم بالانسحاب، أمثال البريطانية باولا رادكليف بطلة العالم لسباق الماراتون، في الوقت الذي سيضع فيه الصينيون خطة طويلة الأمد لتنظيف المدينة كليّاً في المستقبل القريب.