غادرت، أمس، البعثة اللبنانية المشاركة في أولمبياد بكين مسجلةً نتائج متوقعة، إذ لم يتمكن أحد من رياضييها من مجاراة منافسيه، فكانت الخيبة مرّة جديدة، والسؤال عن المستقبل الذي ينتظر الرياضة في لبنان؟
بكين ـ شربل كريّم
لا شكّ في أن الكثيرين لم يُفاجأوا بالنتائج التي سجلّها اللبنانيون في الألعاب الأولمبية، إذ كان الفشل متوقعاً وسط المعرفة المسبقة بمواجهة الرياضيين الستة مهمات مستحيلة أمام أقرانهم العالميين الذي تربّوا ليصبحوا أبطالاً أولمبيّين مقابل تخبّط الرياضي اللبناني بالجوّ العام في البلاد ومشاكله الكثيرة. وفي ظل بقاء الرياضة في أسفل سلّم اهتمامات الجهات الرسمية، يحسب لنا وجود من يمثلون لبنان في المحافل الرياضية الكبرى، لا بل بقاء أشخاص يؤمنون بأن هناك مستقبلاً لهم في عالم الرياضة.
لكن لا يخفى أيضاً أنه إذا استمر الوضع الرياضي بوجود بعض مسؤوليه الحاليين وبحجم الإمكانات (هذا إذا وجدت) الموضوعة بتصرّف الرياضيين، فسيكون من الصعب إيجاد أشخاص يحملون دعوات اللجنة الأولمبية الدولية الحريصة على إفساح المجال أمام كل الدول للمشاركة في الألعاب الأولمبية، إذ معلوم أن لا أحد من ممثلينا في بكين أهلّته أرقامه إلى التظاهرة الرياضية الأبرز.
إلا أن الأمر المؤسف إلى أبعد الحدود، خروج بعض مسؤولي الاتحادات المختلفة والقيّمين على الرياضة في البلاد بالتبريرات عينها للفشل: الوضع السياسي المضطرب، غياب الاحتراف، عدم صرف المبالغ من جانب الجهات المختصّة (...)، وذلك من دون أن يقدّموا يوماً رؤية مستقبلية أو طرحاً لتصحيح الوضع أو أداء «دور المحامي» أمام الجهات السياسية لدفعها إلى دعم هؤلاء الرياضيين، وربما يُشغل أكثرية هؤلاء في حديثهم مع المراجع العليا بكيفية تأمين مستقبلهم في المراكز التي لا ينتمون إليها
أصلاً.

تسلاكيان: التحضيرات ذهبت سدى

كانت غريتا تسلاكيان بطلة العرب في سباقي 100 م و200 م آخر المشاركين اللبنانيين، عندما خاضت أمس تصفيات 200 م وسجلت 25.32 ثانية، وهو رقم لم يؤهلها من مجموعتها السادسة، وهي تحدثت بصوت حزين عن خيبة عدم تمكّنها على الأقل من تسجيل أفضل رقم لها (24.30 ث) الذي كان سيمنحها فرصة مواصلة المسيرة.
وكانت تسلاكيان قد بدأت التحضيرات لألعاب الصين بمعسكر طويل في الولايات المتحدة، إلا أن تعرّضها للإصابة جعل تلك التحضيرات تذهب سدى «قبل تعرضي للإصابة، كنت أتوقع تحقيق نتيجة أفضل مما سجلته، لكن ما حصل معي أثّر سلباً بشكل كبير، وبدأت قبل وقت قصير من الذهاب إلى بكين أتحضّر من جديد ومن نقطة الصفر، وطبعاً الوقت كان ضيّقاً لبلوغ الجهوزية التامة».
وباستثناء محمد سراج تميم الذي حسّن رقمه الشخصي في تصفيات 200 م (21.80 ث) ضمن المجموعة الخامسة التي جمعته إلى حامل ذهبية 100 م الجامايكي اوساين بولت، فإن أحداً من الرياضيين اللبنانيين لم ينجح في تحسين أرقامه.
فحلّت نيبال يموت في المركز الـ 45 من أصل 49 على لائحة الترتيب العام في السباحة 100 م صدراً، ووائل قبرصلي المركز الـ 57 من أصل 63 في المسافة نفسها.
أمّا الرامي زياد ريشا، فحلّ في المركز الـ 29 ضمن مسابقة «السكيت»، بينما احتل رودي حشاش المركز التاسع في الوزن المفتوح فوق 100 كلغ في الجودو.
... وتبقى البعثات اللبنانية إلى الخارج أسيرة أحلام الأمل بمستقبل أفضل وأوضح، لكن رغم ذلك ننتظر أن تؤلّف من جديد بإمكانات وطموحات محدودة.


اللواء خوري: تغيير الهيكلية والعقلية

في حديثه إلى «الأخبار» تقويماً لنتائج البعثة اللبنانية في بكين، لم يُخفِ رئيس اللجنة الأولمبية اللبنانية سهيل خوري أنه كان يتوقع النتائج المحققة، معتبراً «وضعنا أفضل من دول تفوقنا حجماً وقدرات وهي أوفدت عدداً أقل من المشاركين».
ودعا اللواء خوري إلى تغيير جذري بإيجاد هيكلية جديدة تعمل عليها الدولة واللجنة الأولمبية والاتحادات «وهذا ما طالبت به برسالة مفتوحة موجهة إلى الدولة بأن تضع الرياضة ضمن الأولويات»، وأردف «يجب إيجاد نظام وقانون جديدين وتطبيق مبادئ الاحتراف لأن العمل على إحراز ميدالية يتعدى الأربع سنوات، وتخريج بطل أولمبي أضحى صناعة».
وانتقد اللواء خوري العقلية الموجودة في لبنان «قلّة يقتنعون بالتفرّغ للرياضة، إذ يركّزون على دراستهم مثلاً، وهذا ما أبعد مواهب واعدة»، مضيفاً: «سبقنا الآخرون، إذ حتى أبطال أوروبا يدرسون ويتدربون بعيداً عن بلدانهم المتطورة رياضياً، لعلمهم أن الانفتاح على أفكار أخرى سيزيد من فرص نجاحهم».
وختم: «سنقدّم خططاً جديدة مع تحسّن الأوضاع، وأنا متفائل بإمكان بلوغ أهدافنا مستقبلاً».