Strong>شغلت مباريات الكرة أجواء لبنان وشعبه بشكل طغى على أجوائه السياسية... من بطولة أمم أوروبا خصوصاً، إلى بطولة لبنان وإثارة يومها الأخير بين النجمة والأنصار، وصولاً إلى العهد البطل، وبعدما ختم منتخب الوطن مشواره البائس

علي صفا
قبل أن تبرد طبخات الموسم الكروي على طاولة مشاركات المنتخب والنوادي، لا بد من جردة حسابات عمّا جنته اللعبة إدارةً ومستوىً ونتائج وأكلافاً. سجل ختام الدوري إثارة بارزة، حيث حصر اللقب في آخر خمس دقائق من الأسبوع الأخير، وانتقل إلى النجمة حين تقدم بهدف، ثم إلى الأنصار حين عادله في الدقيقة 89، وطار إلى العهد في صور، حين سجل هدف الفوز على مضيفه التضامن في الدقيقة 92.
وخطف العهد اللقب بمجموعة لاعبين لبنانيين من دون أجانب، ومع مدرب وطني بديل وبنَفَس طويل، كاسراً بذلك علوّ ميزانيات المنافسين ومسح تفوّق الأجانب المزعوم.
هو أول لقب دوري للعهد قطفه عبر مدرسته الكروية التي حققت بطولات في الفئات العمرية، وبات يتطلّب استقراراً في أجهزته ويستأهل تحضيراً جيداً لتمثيل لبنان عربياً أو آسيوياً، كذلك يجب استقطاب جمهور أكبر يليق بحضور البطل.

الأنصار... صدمات

غريب جداً أن يخرج نادي الأنصار خالياً في هذا الموسم، وهو يتمتع بأجهزة إدارية فاعلة وميزانيات هي الأعلى بين النوادي، وفجأة يطير كل شيء: لا دوري ولا كأس ولا آسيا، وفريقه للصالات سقط إلى الثانية، وراحت ألقاب الفئات العمرية، وتاه محترفوه الأجانب وظهروا عاجزين في الوقت الحاسم وهم بأغلى الأسعار!
لم يكن يتصوّر أحد هذا الختام، مع أسوأ لعنة كروية في تاريخه.
الواقع جدير بالبحث، وقد قالها كريم دياب نائب الرئيس بصراحة: «الغرور». وهناك أيضاً أمور أخرى: من تكديس لاعبين نجوم، وفشل بعضهم في التكيّف، إلى الإعلام الخاص «النافخ»، وصولاً إلى الواقع العام الكروي والسياسي وتفاعلاته السلبية... يجب إعادة البحث ليبقى الأنصار من دعائم اللعبة.

النجمة: الإدارة... الإدارة

... وختم النجمة موسمه ثالثاً، بلا أي لقب أو إنجاز، بل توّجه بمشكل مع مدربه العراقي المهذب واثق ناجي الذي أنقذه بعد مصرع مدربه الصربي نيناد الذي كان يحضّر للهرب. ليس هذا بجديد، فتاريخ النجمة مع مدربيه ملطّخ بفضل بعض إداريين دخلاء يتصرفون بفردية فيتعاقدون ويتدخلون ويفكسون ويبذّرون ويصمدون بدعم من مراجع سياسية!
وهكذا تتجدد مشاكل النجمة، حتى غدا بلا جمهور ولا ألقاب ولا استقرار مع ديون متراكمة، وفوق ذلك يضم موظفين تفرضهم مراجع حزبية بمرتبات عالية، فيما يناضل بعض إدارييه الأصيلين لوقف هذا التدهور ولجم أصحابه الدخلاء.
النجمة خرج فارغاً، ولن يمثّل شيئاً في الموسم المقبل، بعدما خسر جمهوره وسمعته وألقابه. وينتظر المخلصون فيه تغييرات جذرية في الإدارة وتحريره من الشباك السياسية المباشرة التي أساءت إليه وإلى رعاته... ليعود نجمة لبنان الساطعة.

منتخب الوطن؟!

مثّل منتخب لبنان كرة الوطن في تصفيات المونديال، وبعد ست خسارات كاملة استراح، وراح كل واحد فيه إلى بيته، وقدم جهازه استقالته مع تبريرات جاهزة قبلها الاتحاد شاكراً الجميع بوطنية عامرة. المنتخب الوطني أكمل مشواره بمَن حضر، وسجل في 6 مباريات 3 أهداف وتلقى 14، ولم يظهر عليه أي تطور يذكر. وهناك علامات أخرى... استمر غياب نجميه المحترفين في ألمانيا، رضا عنتر ويوسف محمد، وتوارى رموزه خضر سلامي ونبيل بعلبكي وفيصل عنتر وغيرهم... وواصل الجهاز الفني مهماته الوطنية متطوعاً، وانتهى المشوار بخسائر بالجملة واستقالة الجهاز وقبول الاتحاد بها وهكذا خلصت «الحدوتة».
والخلاصة أن المنتخب الوطني فقد صورته الوطنية، مع الاحترام لإخلاص عامليه، وفقد الاتحاد هيبته، وفقد لاعبون شهيتهم في المشاركة لأسباب مختلفة بينها «القرف» ومصلحة النوادي الخاصة.
وللأمانة، فقد حقق المنتخب الوطني إنجازات مهمّةً، خلال موسمين، جمع للاتحاد مبالغ حرزانة: مبلغ من محطة الجزيرة بدل نقل المباريات (ونقل مستوياتنا بهدلة على الشاشة)، ومبلغ من الاتحاد المصري عن مهرجان التكريم والتضامن الأخوي بعنوان «لبنان كما كان» حيث تبهدل منتخب لبنان وخسر (0ــــ 6)، وتبرعات أخرى متفرقة أخيراً...
وهكذا يبقى منتخبنا وبطولاتنا وسيلة لاستمرار الاتحاد، فالبقاء غاية، والغاية تبرر الوسيلة، وعندنا حزب «مكيافيللي» من كل الطوائف والسياسات يجتمعون في «اتحادات التوافق» وجاهزون لتكرار التجربة الوطنية العظيمة... وكل موسم وأنتم بخير.