عانق الإسبان المجد مجدداً بعد غياب 44 عاماً إثر فوزهم بلقب كأس أوروبا لكرة القدم للمرة الثانية في تاريخهم، بعد تغلّبهم على الألمان 1ـــــ0 في المباراة النهائية للنسخة الثالثة عشرة التي استضافتها النمسا وسويسرا. من لويس سواريز وخيسوس ماريا بيرادا ومارسيلينو مارتينيز إلى فرناندو توريس ودافيد فيا وشافي هرنانديز، 44 عاماً فصلت بين جيل «سانتياغو برنابيو 1964» و«إرنست هابل 2008»، لكن شعور الفوز والتتويج يبقى هو نفسه الذي راود سواريز ورفاقه عندما تغلبوا على الاتحاد السوفياتي 2ـــــ1 في نهائي 1964 الذي احتضنه ملعب العاصمة مدريد، وتوريس ورفاقه في نهائي العاصمة النمسوية فيينا.سواريز يتذكر ملعب «سانتياغو برنابيو» الذي احتضن في نهائي 1964 أكثر من 80 ألف متفرج وقوفاً، لأن المقاعد لم تكن موجودة في ملعب العاصمة حتى عام 1982 عندما استضافت إسبانيا كأس العالم، وهو يقول: «كنا منتخباً جيداً، لكن لم نكن أفضل ما عرفته الكرة الإسبانية. لعبنا بطريقة جيدة كفريق، اللاعبون كانوا متفاهمين، وكان بعضهم يكمل البعض، لأنهم أتوا حينها من عدد قليل من الفرق. ثم كان هناك لاعب وحيد يملك الكثير من الخبرة الدولية... هو أنا».
إذاً بعد انتظار طويل لمعانقة الكأس، لم يختلف مشهد العاصمة مدريد عما كان عليه في 1964، إذ عمّت الفرحة جميع الساحات وكل المدن الإسبانية، وتعالت الأصوات مباشرة بعد نهاية المباراة مردّدة «أبطال! أبطال!»، واحتُفل بالألعاب النارية، فيما أطلقت السيارات العنان لأبواقها في مختلف أنحاء البلاد وجاداتها، وكذلك عمّت الاحتفالات الحانات، حيث تجمّع آلاف من الإسبان لمتابعة المباراة على شاشات عملاقة.
أما في فيينا فكان «أحفاد» سواريز في منتخب «لا روخا» يرددون صدى 1964، فالمهاجم فيا حُرم المشاركة في النهائي بسبب الإصابة، لكن زملاءه أدّوا الواجب على أكمل وجه، وحرصوا على ألّا تذهب الأهداف الأربعة التي سجلها مهاجم فالنسيا في هذه البطولة، هدراً فأهدوه اللقب.
«لقد فزنا لأننا كنا الفريق الأفضل في كل مناسبة»، هذا ما قاله فيا بعد المباراة، مضيفاً: «قدمنا بطولة رائعة، وكنا الفريق الأفضل بفارقٍ كبير (عن المنافسين) في كل مباراة لعبناها. لم نحقق أي فوز بالحظ».
وأشاد فيا بمدرب المنتخب لويس أراغونيس الذي كان يخوض مباراته الأخيرة، لأنه سيترك منصبه، مضيفاً: «إنه الرجل خلف هذا النجاح. إذا كنتم تتذكرون ما حصل منذ حوالى عامين عندما اختبرنا ليلة صعبة للغاية في بلفاست بخسارتنا أمام إيرلندا الشمالية (2ـــــ3 في التصفيات)، فهو يستحق أن يكون الفضل له، لأنه بقي مع الفريق. هو أكثر من أي شخص آخر مسؤول عن هذا الانتصار. لكن هذه الكأس هي للجميع، لكل من لعب ولجميع أعضاء المنتخب أيضاً. نحن سعداء بأن نكون جزءاً من هذه المغامرة. لقد جعلنا البلاد فخورة بنا».
أما زميله، الحارس كاسياس، فقال: «نحن نهدي هذا الانتصار إلى جميع الإسبان، وأنا شخصياً أهديه لكل الأشخاص الموجودين في حياتي على الصعيدين الشخصي والمهني». واضاف كاسياس الذي لم تهتز شباكه إلا في مناسبتين خلال 6 مباريات في هذه البطولة: «أوافقه (فيا) الرأي على أننا أفضل منتخب في هذه البطولة، وخصوصاً إذا ما نظرت إلى المباريات التي لعبناها. استحققنا الفوز على إيطاليا في ربع النهائي (بركلات الترجيح)، وحققنا فوزاً كبيراً على روسيا في نصف النهائي (3ـــــ0)».
وأشاد كاسياس بدوره بأراغونيس قائلاً «إنه ظاهرة. من المؤسف جداً أنه سيترك منصبه».
وأصبح أراغونيس (69 عاماً و338 يوماً) أكبر مدرب يتوّج بلقب كأس أوروبا، متفوّقاً على الألماني أوتو ريهاغل الذي قاد اليونان إلى لقب كأس أوروبا عام 2004 وهو في السادسة والخمسين من عمره. وسيترك «الحكيم» منصبه بأفضل طريقة ممكنة بعدما تسلمه في 2004، وهو سبق أن أعلن رغبته في الرحيل إثر خسارة إسبانيا أمام فرنسا 1ـــــ3 في الدور الثاني لمونديال ألمانيا 2006.
وواجه أراغونيس الكثير من الضغوط خلال التصفيات الأوروبية قبل أن يعيد منتخب بلاده إلى المسار الصحيح ويقوده إلى النهائيات للمرة الثامنة في تاريخه ثم يمنحه اللقب الأول منذ عام 1964.
وستكون مهمة المدرب الجديد قيادة المنتخب إلى نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010، حيث تلعب إسبانيا في التصفيات ضمن المجموعة الخامسة إلى جانب تركيا وبلجيكا والبوسنة وأرمينيا واستونيا.
وتستهل إسبانيا مشوارها في التصفيات بمباراتين على أرضها في 6 و10 أيلول المقبل أمام البوسنة وأرمينيا على التوالي.
وضمنت إسبانيا بعد تتويجها باللقب الأوروبي مشاركتها العام المقبل في كأس القارات مع إيطاليا بطلة العالم وجنوب أفريقيا المضيفة ومصر بطلة أفريقيا والعراق بطلة آسيا والبرازيل بطلة أميركا الجنوبية والولايات المتحدة بطلة الكونكاكاف، على أن يلحق بهذه المنتخبات بطل أوقيانيا الذي سيكون بين كاليدونيا الجديدة ونيوزيلندا بعد انتقال أوستراليا إلى كنف الاتحاد الآسيوي، علماً بأن البطولة ستقام من 14 إلى 28 حزيران 2009.
شافي أفضل لاعب في «يورو 2008»
اختير لاعب وسط برشلونة شافي هرنانديز أفضل لاعب في كأس أوروبا 2008. واختار الاتحاد الأوروبي صاحب جائزة أفضل لاعب، آخذاً في الاعتبار تصويت الجماهير أيضاً. وهيمن الإسبان على التشكيلة المثالية، إذ اختير 9 منهم ضمن لائحة أفضل 23 لاعباً، مقابل 3 لألمانيا الوصيفة، و4 لروسيا، ولاعبين من هولندا والبرتغال ولاعب واحد لكل من تركيا وكرواتيا وإيطاليا.
ـــــ التشكيلة المثالية: للمرمى: جانلويجي بوفون (إيطاليا) وايكر كاسياس (إسبانيا) وادوين فان در سار (هولندا). للدفاع: جوزيه بوسينغوا (البرتغال) وفيليب لام (ألمانيا) وكارلوس مارشينا وكارليس بويول (إسبانيا) ويوري جيركوف (روسيا). للوسط: حميد ألتينتوب (تركيا) ولوكا مودريتش (كرواتيا) وماركوس سينا وشافي هرنانديز وفرانسيسك فابريغاس وأندريس أنييستا (إسبانيا) وكونستانتين زيريانوف (روسيا) وميكايل بالاك ولوكاس بودولسكي (ألمانيا) وويسلي سنايدر (هولندا). للهجوم: أندري أرشافين ورومان بافليوتشنكو (روسيا) وفرناندو توريس ودافيد فيا (إسبانيا).
(أ ف ب)