نجم خائب وآخر متوّج بالذهبصحيح أن توريس لم يكن هداف البطولة، ولا حتى منتخب بلاده، إذ ذهب اللقب إلى زميله دافيد فيا، الغائب الأكبر عن النهائي بسبب الإصابة، وهذا ما حصل مع زيدان عام 1998 الموقوف مباراتين بعد طرده أمام السعودية في الدور الأول، لكن «إل نينيو» (الصغير) كان مصدر الرعب الأول في تشكيلة المدرب لويس أراغونيس «قاطع الرؤوس»، وأكبرها كان لمهاجم ريال مدريد راوول غونزاليس، لكن «حكيم هورتاليزا» كان واقعياً وحكيماً في آنٍ معاً، عندما غضّ النظر عن عصبية توريس لدى استبداله في كل مباراة ضمن البطولة، إذ وجد أن «توريس أهم لاعب في تشكيلتي، وسينال مركزاً أساسياً في أي منتخب».
ما الذي ميّز توريس عن غيره من نجوم البطولة؟ اللائحة ليست طويلة، لكنها ضمّت أمثال بالاك، الروسي أندري أرشافين، التركي حميد التينتوب، الهولندي ويسلي سنايدر، الكرواتي لوكا مودريتش وغيرهم...
واللافت أنه رغم نيل شافي هرنانديز لاعب وسط إسبانيا جائزة أفضل لاعب في البطولة، إلا أن اسم توريس هو الذي يبادر إلى الأذهان لدى مناقشة نجم البطولة.
هدف واحد في مرمى ليمان المرتمي أرضاً والمدافع فيليب لام الذي فاته قطار توريس، صنع الفارق بين بالاك والمهاجم الأشقر صاحب النظرة الثاقبة.
لقد كان بالاك بأمسّ الحاجة إلى اللقب، وأكثر من أي لاعب سواه، لأن نحس المباريات النهائية لازم ابن ألمانيا الشرقية منذ المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2002، إذ خسره مع باير ليفركوزن أمام ريال مدريد الإسباني 1 ـــــ 3، وتكرّر الأمر ذاته مع تشلسي الإنكليزي الموسم المنصرم، فخسر الذهب بركلات الترجيح أمام مواطنه مانشستر يونايتد، لكن الخيبة الأكبر تمثلت في مونديال 2002 الذي غاب فيه بالاك عن النهائي وعلّق الميدالية الفضية في عنقه متفرّجاً على البرازيلي رونالدو وزملائه يحتفلون باللقب.
سيبلغ بالاك الملقب بـ«القيصر الصغير» الثانية والثلاثين في أيلول المقبل، الزمن يدهم عملاق الوسط، وفي حال اعتزاله من دون لقب كبير سيشكل ذلك فجوة كبيرة في سيرته الذاتية، وبالتأكيد لن يدخل قائمة اللاعبين الذين طبعوا لعبة كرة القدم بطابعهم.
من جهته، نال توريس (24 عاماً) مكافأة سريعة على مقوماته التي لا يمكن توقعها عند مشاهدة وجهه الطفولي وخدّيه الأحمرين وخجله الفائق، لكن بموازاة ذلك يتمتع لاعب أتلتيكو مدريد السابق ثم ليفربول الإنكليزي الحالي (انتقل إليه مقابل 30 مليون يورو) بموهبة خارقة، سرعة ومراوغات قاتلة، والأهم من ذلك كلّه تقنية نادرة جديرة بصانعي الألعاب الموهوبين.
إنه لاعب يعشق الكؤوس، والكؤوس تعشقه، إذ منذ أن زار صالة أتلتيكو مدريد التاريخية المدجّجة بالفضيات والذهبيات، أعجب ابن التسعة أعوام بهذه العراقة، وبعد 15 عاماً أصبح «إل نينيو» في مصاف العمالقة الذين ردوا مجداً إسبانياً ضائعاً منذ ما يقارب نصف قرن.
بقي توريس يلف ملعب «إرنست هابل»، وعلى كتفيه العلم الأصفر والأحمر، ولم يتوقف سوى لإلزامه بالمشاركة في المؤتمر الصحافي الذي يلي المباراة النهائية، وهو أعرب عن حاجته لوقتٍ طويل لكي يستوعب هذا الانتصار التاريخي المستحق.
الكأس الأوروبية انتهت، والقارة العجوز دخلت في عطلة صيفية تحتاج إليها لاستعادة الأنفاس، وعلى شفيرها سيبقى بالاك باحثاً عن المجد الضائع، فيما سيحاول توريس التأقلم مع موقعه الجديد في عائلة العظماء.
(أ ف ب)