وعد رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا» الفرنسي ميشال بلاتيني بوضع حدٍّ لخطف الأندية الكبرى للمواهب الشابة من أكاديميات أنديتها الأصلية
شربل كريّم
لا يخفى أن الأندية الإنكليزية هي المتهمة الأولى بهذه الأفعال المستنكرة لكونها تتسلّح بالمال الوفير لإغراء الناشئين وحملهم إليها بمبالغ زهيدة، وقد أشار بلاتيني نفسه إلى أن هذا الأمر قد يخلق أزمة حقيقية بين هذه الأندية ونظيرتها الإيطالية بعدما تفاقم مدّ الإنكليز إلى بلاد «الكالتشو»، تاركين عند الطليان حسرة ومعاناة في آنٍ واحد.
الأمثلة عديدة عن حملات الأندية الإنكليزية باتجاه الأكاديميات الإيطالية، إذ إنّه في الوقت الذي شنّ فيه مانشستر يونايتد حملةً شعواء على ريال مدريد بسبب محاولة الأخير التعاقد مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، كان يعمل في الخفاء لسرقة «توتي الجديد» أي دافيدي بتروتشي (16 عاماً) من روما مقابل 200 ألف جنيه استرليني، وهي قيمة التعويض القانوني لفكّ ارتباط اللاعب بناديه الأم، وبالطبع لم يمثّل هذا المبلغ الزهيد أي مشكلة لأحد أغنى أندية
العالم.
أما أرسنال الذي يستنكر عادةً ملاحقة الأندية الكبرى لنجومه الشبان، فإنه اشتهر بقرصنة أحد أفضل لاعبي الوسط حالياً الإسباني سيسك فابريغاس من برشلونة، وفعل الأمر عينه مع المهاجم الإيطالي الشاب ارتورو لوبولي الذي فقده بارما كما فقد جوسيبي روسي لمصلحة مانشستر في الفترة نفسها، وكانت النتيجة بيع الأخير للاعب الموهوب الى فياريال بعشرة ملايين دولار وسقوط الفريق الإيطالي المذكور إلى الدرجة الثانية!
وتضاف إلى هذه الأسماء هذا الصيف موهبة ريجينا فينتشنزو كاميلييري الراحل إلى تشلسي، وفابيو زامبيرلا المنتقل من أتالانتا إلى نيوكاسل.
وتطول اللائحة مع ميركو رانييري ومارتشيللو تروتا وغيرهما، وهؤلاء تركوا خيبة عند أنديتهم التي صرفت مبالغ كبيرة لإعدادهم من دون أن تلقى المردود المطلوب على الأقل كروياً، وهو ما يخيف انتر ميلان مثلاً الساعي إلى تأمين عقدٍ يقنع موهبته الهجومية الفذة ماريو بالوتيللي بالبقاء وسط تجمهر «السماسرة» حوله.
طبعاً، لا يمكن القول إن الأندية الإنكليزية تخرق القوانين
بـ «سرقتها» للاعبين الصغار من هنا وهناك، بل هي تتصرف وفق لائحة القوانين الموضوعة، تاركةً علامة استفهام حول أهليّة هذه القوانين في ظل سرعة التطور والانفتاح في البلدان الأخرى التي تعيشها اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وخصوصاً أن الأندية الأصغر بدأت تشعر بالغبن، والدليل توجهها بشكاوى إلى الاتحادين الدولي والقاري مع كل خطوة من هذا القبيل رغم إدراكها أنهما عاجزان عن تغيير الواقع، إلا إذا اتّجها نحو تغيير القوانين.
الخطوات التي تتّبعها هذه الأندية حالياً أشبه بالطعم الذي يضعه الصيّادون للأسماك، إذ يعدون اللاعبين بالجنة عبر تقديم جميع وسائل الرفاهية إليهم وأحياناً إلى عائلاتهم، لكن ما لا يدركه هؤلاء اللاعبون هو أن الجنة قد تتحوّل إلى جهنم إذا لم تسر الأمور في الاتجاه الصحيح.
ويُتوقّع أن يتحرك الاتحاد الأوروبي في فترة قريبة مع الثورة القانونية التطويرية التي أعلنها بلاتيني منذ وصوله إلى سدّة الرئاسة، حيث كان رأيه أن يوقّع كل لاعب ناشئ أول عقد احترافي له مع ناديه الأم الذي «تعب عليه».
كما أن تطبيق قرار إجبار الفرق على اعتماد ستة لاعبين محليين مقابل خمسة أجانب على أرض الملعب يمكن أن يساعد، إذ إن الصراع سيشتعل لاستقطاب أفضل المواهب المحلية، وخصوصاً في إنكلترا، حيث ذهب الناشئون ضحية توجّه الأندية إلى الخارج، وهو ما أثّر سلباً في المنتخب الإنكليزي في وقت لاحق.
ومن منظار بعيد عن النواحي القانونية، يمكن الجزم بأن ما يحصل غير عادل على الإطلاق، لأن أكاديميّات الفرق الصغرى ستفرغ من محتواها الثمين، وتتحوّل ملاعب الأندية الكبرى إلى حقل تجارب يُرمى منها بعيداً أولئك الذين فشلوا في التأقلم مع الأجواء الجديدة أو مع البلد الذي انتقلوا إليه، وهذا الأمر قد يقتل موهبتهم وهي في المهد، لذا لا ضير من إحداث ثورة تقلب المفاهيم كما حصل مع «قانون بوسمان» الذي كسر نير التقليد الجائر.


بلاتيني نصير الصغار

صارح بلاتيني يوم توليه رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أنه سيقف حليفاً للبلدان الصغيرة في أوروبا، كما هي الحال بالنسبة إلى الأندية المغمورة بهدف مساعدتها على تأمين بقائها واستمراريتها، إلى تطوير أكاديمياتها التي يمكن أن توفّر عليها أعباءً مالية كبيرة وسط «الغلاء» الكروي الحاصل