حسن زين الدينعندما تعبق رائحة القهوة الشهية وتتلذذ بمذاقها، أو تشاهدها في إعلان تجاري، ربما تتبادر البرازيل إلى ذهنك باعتبارها المصدر الأول لتصدير القهوة إلى العالم. لكن من يتذوّق مشاهدة كرة القدم الجميلة و«يتلذذ» بفنيات لاعبيها سيردد دوماً: برازيل.
إذاً، بخلاف القهوة، أصبحت الكرة البرازيلية من أهم صادرات هذا البلد اللاتيني. وبحسب تحقيق نشر سابقاً في مجلة «وورلد سوكر» الإنكليزية، فإن عام 2007 سجل رقماً قياسياً في تصدير اللاعبين البرازيليين إلى الخارج بلغ 1252 لاعباً، وأكثر من ذلك، فإنهم نجحوا أخيراً في ولوج «مهد» كرة القدم إنكلترا، حيث فشلت «غزواتهم» السابقة، وذلك عبر نجاح تجربة بعض نجومهم الصغار كلاعب وسط مانشستر يونايتد اندرسون وإيلانو مهاجم مانشستر سيتي.
في البرازيل حالياً، لم تعد أحلام فتيانها الفقراء تتوقف عند حدود اللعب لفرقها الكبيرة أمثال فلامنغو أو كورينثيانس، بل باتت أحلامهم تتجه إلى ما وراء البحار حيث الحياة الرغيدة. لكن قد لا تبدو تجربة احتراف كثيرين منهم سعيدة كما يظن الكثيرون، فقد خلص الباحث البرازيلي في علم النفس، الرياضي ريجينا برانداو، في أبحاثه حول هذا الموضوع، إلى أن 30 في المئة من اللاعبين البرازيليين معرّضون للإصابة بالاكتئاب، وذلك لاعتقادهم بأن كل شيء يقف ضدهم في الخارج. ويبدو ما حصل في الموسم الماضي مع لاعب انتر ميلان الإيطالي أدريانو خير مثال على هذا الأمر، فقد اختار العودة إلى البرازيل واللعب معاراً مع ساو باولو بعد معاناته من ضغوط نفسية وشعوره بالوحدة، ما أبعده عن مستواه المعروف. وتشير الأرقام إلى أن 489 لاعباً برازيلياً عادوا إلى موطنهم في العام الماضي، وأن 70 في المئة من هؤلاء لم يجدوا أندية يلعبون لها.
لكن بخلاف هذه المشكلة، فإن لسياسة تصدير اللاعبين إلى الخارج فوائد غير تلك المادية، بل فنية، تتعلق تحديداً بالمنتخب البرازيلي أو «السيليساو» الذي يستفيد من تجارب لاعبيه في الأندية الأوروبية حيث الالتزام بالتدريب البدني والخططي.
ويقول مدرب المنتخب الحالي كارلوس دونغا «في الخارج، يتعلم لاعبونا أن يمتلكوا مسؤولية فردية وجماعية، ومن لا يلتزم بذلك لا يجد له مكاناً في فريقه».
ومع انتهاء كأس أوروبا، فإن باب انتقالات اللاعبين في هذا الصيف قد فتح على مصراعيه، وستصرف الأندية ملايينها لشراء النجوم. وفي بلدٍ كالبرازيل، تشير الإحصاءات الرسمية فيه إلى أن 40 في المئة من العائلات تحصل على أقل من 220 يورو كدخلٍ شهري، فإنه من المؤكد أن تتوسع «إمبراطورية» الكرة البرازيلية في العالم.