شربل كريمالصورة ستختلف ابتداءً من نهاية الأسبوع الحالي في شوارع المناطق اللبنانية. صراع من نوع جديد بأسلحة الأعلام والمفرقعات النارية للفوز بحرب كأس أوروبا 2008 لكرة القدم، التي تستمد حماوتها من النار التي اشتعلت قبل سنتين في مونديال 2006 حيث لوّح مشجعو الفرق الخاسرة بالثأر في البطولة القارية.
وطبعاً، يأخذ «التشجيع الأوروبي» طابعاً لبنانياً يمكن لمسه عبر استعراض اللبنانيين لأهوائهم الكروية بتزيين سياراتهم بالشعارات والأعلام، والأمر عينه ينطبق على شرفات منازلهم التي تتحوّل أشبه بمراكز السفارات، ما يترك استغراباً ممزوجاً بالسرور عند الزوّار الأجانب، الذين تبدو الدهشة على وجوههم عند رؤيتهم أعلام بلادهم في كل مكان.
هذا ما كانت عليه الحال طوال الأعوام القريبة الماضية، وتنطبق المقولة على بعض المناطق التي بقيت وفيّة للتقليد المتبع، بينما يبدو مستغرباً ابتعاد مناطق أخرى عن الأجواء وكأن سكانها محبّي الكرة هجروها!
لم يعد هناك فسحة للرياضة. هذا هو الجواب الذي يتفق عليه الكثيرون من المتابعين عن كثب، فالناس مشغولون بمتابعة تأليف الحكومة وبمناظرات السياسيين على شاشات القنوات المختلفة، وهم لم يجدوا متسعاً لرفع علم منتخبهم الأوروبي المفضّل الذي احتل مكانه في مناطق غير قليلة علم الجهة السياسية التي «يتعصّبون» لها من دون تفضيل أي شيء آخر عليها.
طبعاً، نحن معشر الرياضيين نعرف أنه لم يعد هناك تقريباً مكان للمحافل الكبرى على القنوات المحلية أيضاً، وهو الأمر الذي أثّر بدوره في عقلية الحياة اليومية للبنانيين بطريقة أو بأخرى، إذ حتى بعض أولئك الذين تحمّسوا لعودة الأحداث الكروية المهمة اختاروا المنتخبات التي سيشجعونها على خلفيات سياسية.
من هنا، لن يكون مستغرباً ازدياد عدد جمهور هولندا في كأس أوروبا، إذ إن اللون البرتقالي الذي يرتديه منتخبها جذب مشجعي البرازيل مؤيدي التيار الوطني الحرّ، وهؤلاء أرادوا الانغماس في الأجواء لمناكفة مشجعي ألمانيا خصوصاً، لكن فئة أخرى منهم اختارت «الأم الحنون» فرنسا على خلفية وقوفها في وجه المعارضة داعمة للحكومة خلال الأزمة السياسية.
لكن لا يمكن إغفال أن أسباباً «مهضومة» أخرى تفرض نفسها أكثر خلال بطولات مماثلة، وخصوصاً ناحية الشبان والشابات الذين يقفون وراء منتخب ما لأسباب لا تمتّ بصلة إلى كرة القدم أو السياسة، إذ إن شريحة كبيرة من الفتيات تحب إيطاليا بسبب لاعبيها أصحاب القامات الممشوقة والمظهر الجميل، لذا وجد الشبان فرصة لردّ التحية عبر تشجيعهم لمنتخبي روسيا ورومانيا اللذين يحشدان كمّاً هائلاً من الجميلات الجريئات في المدرّجات، حيث يحتار مخرجو المباريات في اختيار الأجمل من بينهن لنقل صورتها مباشرة على الهواء إلى العالم أجمع.
23 يوماً سنرتاح فيها من البرامج السياسية التي تبعدنا عادة في مستهل الأمسية عن البرامج الأخرى وتتركنا في نهايتها متوتّرين ومهيّئين للدخول في جدال حادّ مع من سنلتقيهم في اليوم التالي.
دعوة للجميع للتمتع بكل هدف ومشهد في كأس أوروبا وعيشها على الطريقة اللبنانية المميّزة أي بالأعلام والمفرقعات... لكن رجاءً من دون رصاص ابتهاج!