شربل كريّم«إيطاليا ستخرج من الدور الأول» و«ألمانيا ستخسر 0 ـــــ 5 أو على الأقل 0 ـــــ 3 أمام البرتغال». هذا أكثر ما تردّد في الشارع الكروي طوال الأسبوع، وقد ترافق مع تبديل للأهواء بدا واضحاً عبر الأعلام المرفوعة على السيارات في الشوارع اللبنانية، حيث ازدادت شعبية هولندا وإسبانيا والبرتغال بالنظر إلى نتائجها اللافتة خلال الدور الأول.
طبعاً تميل الشعبية هنا، بحسب النتائج، إذ إن أولئك الذين يتابعون كرة القدم مرّة كل أربع سنوات أو سنتين، سرعان ما يقفون مع المنتخب الذي يبدو متفوّقاً، فعقدة التفوّق عند الكثيرين تجعلهم يبدّلون ألوانهم، وهذا ما اعتاده اللبنانيون «لا غالب ولا مغلوب»، لذا لم يعودوا يعرفون كيفية تقبّل الخسارة التي يبررونها عادةً بأنها هزيمة من ناحية وفوز من نواحٍ أخرى!
لكن ما لا يعرفه هؤلاء الهواة أن التاريخ يحكم كرة القدم، كما أن المعطيات بين مباراة وأخرى يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً يبدّل بشكلٍ كبير النتيجة، إن كانت متوقعة أو غير متوقعة، وهذا ما حصل تحديداً في مباراة إيطاليا وفرنسا، إذ إن إصابة فرانك ريبيري المفاجئة وطرد إريك ابيدال أعادا إفراز نتيجة سيناريو نهائي المونديال بين المنتخبين، حيث فاز الطليان بعدما أسقط الفرنسيون أفضليتهم إثر خروج باتريك فييرا مصاباً وزين الدين زيدان بالبطاقة الحمراء على خلفية «نطحته» الشهيرة لماركو ماتيراتزي.
ومسألة التاريخ هي دائماً الحاضر الأكبر عند وجود المنتخبين الإيطالي والألماني على الساحتين الدولية والقارية، إذ إن المحافظة على سمعة الأجداد تعطي اللاعبين قوة استثنائية، ومهما تطورت المنتخبات الأخرى، تبقَ معرّضة للسقوط أمام الأكبر منها، وهذا ما حصل مع البرتغال التي دخلت مباراتها أمام ألمانيا مرشحة فوق العادة للفوز، لكنها خرجت تجرّ أذيال الخيبة.
أصاب الزميل في الجزيرة الرياضية حسين ياسين الموجود في النمسا وسويسرا لتغطية كأس أوروبا، عندما قال: «لكل بطولة رجالها ومنتخباتها»، إذ إن بطولة من هذا النوع لا مكان فيها إلا للكبار، ولو أن المفاجآت فرضت نفسها سابقاً بإحراز الدنمارك واليونان للقب عامي 1992 و2004 على التوالي.
والسؤال هنا، أين هي الدنمارك؟ وهل حصدت اليونان نقطة واحدة في النسخة الحالية؟
الأولى لم تتأهل، والثانية خرجت بخفي حنين، لكن ألمانيا وإيطاليا، حتى لو خرجتا في دورٍ مبكر كما حصل عام 2004، فإنهما لا تغيبان عن الأحداث الكبرى، وهذا دليل قاطع على عظمتهما كبلدين كرويين بامتياز.
مخطئ من يقول «ما في كبير بالفوتبول» لأن الكبار يقاسون بألقابهم، والصغار يبقون صغاراً وتنتفي مقارنتهم بأولئك الذين يفوقونهم القاباً، وذلك حتى يقفوا إلى جانبهم في عددها على لائحة السجل الذهبي.
مختصر مفيد بكلمتين فقط: «الكبير كبير».