شربل كريّم«تصرّف حيواني»، هذا ما قاله أحد المعلّقين المعروفين في العالم العربي بعد تعرّض الأرجنتيني خافيير سافيولا أيام كان لاعباً مع برشلونة لعرقلة قاسية من جانب مدافع خصم.
قد يجد كثيرون في هذا القول مبالغة، لكن من يتابع الأخطاء التي يرتكبها المدافعون بوحشية في كرة القدم الحديثة يعرف أن المعلّق نطق بهذه العبارة بعفوية، شفقة على لاعب بحجم صغير مواجهاً عمالقة خطوط الدفاع في العالم.
وأياً يكن من أمر، فإن ما يرتكبه بعض المدافعين حالياً على المستطيل الأخضر يشبه الجرائم التي يحدثها السفاحون في الأزقة المظلمة، إذ عادةً ما تُرتكب الجريمة بطريقة بشعة جداً تترك الحيرة عند المحققين، وهنا في لغتنا الكروية عند الأطباء الذين يواجهون تجارب جديدة إثر نقل اللاعبين إليهم بإصابات غير موجودة في كتب الطب.
فعلاً نشهد عمليات اغتيال تتحاشى التلفزيونات إعادة مشاهدها لشدّة قسوتها كما حدث عند تعرّض مدافع برمنغهام مارتن تايلور بالـ«تاكل» الشهير على مهاجم أرسنال ادواردو دا سيلفا، ما ترك الأخير مهدداً بإمكان وضع حدّ لمسيرته في ريعانها.
وتايلور هو واحد من أولئك المدافعين الكثيرين الذين يعتمدون ثقافة «الركبي» أي «اجعل خصمك خارج اللعبة لتخرج فائزاً»، وهي الثقافة التي يعتمدها هؤلاء في مواجهة اللاعبين الذين يفوقونهم مهارة، ما يطرح علامة استفهام عن مدى بقاء شعار «اللعب النظيف» واقفاً على قدميه في كرة القدم من دون أن يسقطه أحدهم بالضربة القاضية؟.
ويبدو جليّاً أن هناك لاعبين «أحرقوا» العلم الأصفر الذي يحمل الشعار المذكور، والدليل المعاملة التي يلقاها أفضل لاعب في العالم وأوروبا كاكا في الدوري الإيطالي، ما جعل الخوف يدخل إلى نفوس مشجعي ميلان من إمكان تكرار السيناريو الذي ذهب ضحيته الهداف الهولندي السابق ماركو فان باستن بحيث اعتزل في الـ 28 من عمره لإصابة قوية في الكاحل سبّبها المدافعون الذين لم يكونوا أكفاء لإيقافه بالطرق القانونية.
وعموماً، إذا نظرنا إلى القوانين المستحدثة نجد أن اللعبة أضحت أكثر رحمة مقارنةً بالسنوات الـ20 الماضية، إذ يفرض «الفيفا» الآن إنزال أشدّ العقوبات باللاعبين الذين يتدخلون على الخصم بكلتا القدمين أو من الخلف، لكن اللافت عندما نعلم أن هذه البنود القانونية لم تبصر النور إلّا بعد مونديال 1990، لتتبادر إلى أذهاننا أسماء أفلتت بفعلتها في مناسبات عدة، أمثال «السفاح» الإيطالي كلاوديو جانتيلي الذي لا تزال ضرباته تؤلم مارادونا وزيكو منذ مونديال 1982 حتى اليوم، إلى مواطنه باسكواليه برونو الملقّب بـ «الحيوان» لأسباب لا ضرورة لذكرها.
أما الأمر الأكيد فإن اللعبة الشعبية الأولى لم تعد مكاناً للاعبين ذوي الأخلاق الرفيعة أمثال كاكا، الذي لا يجادل الحكام أبداً، وهي تبدو بحاجة إلى المزيد من القوانين الصارمة منعاً لإرهاق المواهب في ميادينها، على الأقل ناحية العقوبات بحق المخالفين دون اقتصار الأمر على ركلة حرّة أو ركلة جزاء بل «ركلة طرد» أبدي.