strong>عبد القادر سعدتتنوّع أشكال النضال دفاعاً عن القضية، من العسكري إلى السياسي إلى الاقتصادي والثقافي... إلى الرياضي. لفلسطينيون في لبنان يمارسون نضالهم على طريقتهم، ويتخذون من الرياضة وسيلة للمحافظة على الجيل الجديد
أرض جلول، قطعة شهيرة في الطريق الجديدة، لها تاريخ وبصمات على نجوم اللعبة والمنطقة ونشاطاتها لسنوات. حالياً، يحتضن ملعب جلول يومياً عشرات الأولاد الفلسطينيين لممارسة اللعبة، بمشاركة رفاق لبنانيين، ويتوزعون على فرق تحمل أسماء مدن وقرى في فلسطين، معتمدين على الاكتفاء الذاتي « بعيداً عن أي دعم رسمي مسيّس». هناك فرق: جباليا، مجد الكروم، جنين، أريحا، الكرمل... لتبقى هذه الأسماء محفورة في ذاكرة الاجيال لا يطويها النسيان، عدو النضال الأول.
جباليا ... وفئاته العمرية
هلال الهبطة، فلسطيني يهوى اللعبة، كان لاعباً وصار مدرباً ومشرفاً على فريق جباليا الذي تأسس عام 1990، ويضم فلسطينيين ولبنانيين في ثلاث فئات عمرية.
والهبطة يدفعه الحب والواجب إلى رعاية الفريق، بإمكانات مادية صعبة. وفئاته العمرية ثلاث (من10 إلى 12 عاماً، ومن 13 إلى 15 عاماً، وما فوق الـ15)، وهو مسجّل لدى الاتحاد الفلسطيني في لبنان الموجود في مخيّم الرشيدية في مدينة صور، ويضم 72 نادياً في لبنان.
ويلحَظ التنظيم في عملية انتقال اللاعبين المسجلين موافقة نادي اللاعب، ونظام التواقيع ليس أبدياً، بل تُحل التواقيع كل مدة، ويمكن الانتقال بعدها إلى نادٍ آخر ضمن مهلة محددة.
ونظراً للشح المادي وصعوبة تأمين ملعب كبير للتمارين، يتدرب اللاعبون، يومين أسبوعياً، على نصف ملعب أرض جلول مقابل مبلغ شهري.strong>لا لتسييس الفريق
ويوضح هلال الهبطة أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب تمويل للفريق، «نظراً لرفضنا تسييس الفريق» وربطه بجهات تسخّره لخدمتها، إذ يمكن لأي فريق ينتمي إلى مكتب حركي تابع للمنظمة مثلاً أن يحصل على مساعدات مادية وفيرة شهرية (ولكل لاعب بين50 و100 دولار). ومن هؤلاء اللاعبين المعروفين: إبراهيم مناصري، رامي أسعد، علي أسعد، وسيم عبد الهادي...
ويحاول الهبطة أن يؤمّن بعض المستلزمات من راتبه الخاص، ومن اشتراك أسبوعي لكل لاعب (ألف ليرة لبنانية). ويُدفع إيجار الملعب من هذا الاشتراك للتمارين ولإقامة مباراة كل أسبوع.
المقر... والتنظيم
حالياً لا يملك النادي مقراً، بعد أن تخلى عن مقره المستأجر في مخيم شاتيلا لعدم القدرة على دفع إيجاره، واستُعيض عنه بغرفة في ملعب أرض جلول، ليست مخصصة لهم، واشتروا «برّاداً قديماً» حوّلوه إلى خزانة لملابس اللاعبين.
ومن مصاعب النوادي الفلسطينية أيضاً غياب التنظيم في الاتحاد الفلسطيني في لبنان، وإلزامية الانتساب إلى المكتب الحركي، ومحسوبيات في إدارة الأمور.
وعن مستقبل اللاعبين، يقول مدرّبهم «أتمنى أن أرى لاعبينا في فرق كبيرة في لبنان وخارجه، لكن المشكلة هي عدم اهتمام المسؤولين، كما أن الفرق اللبنانية لا يحق لها إشراك سوى لاعب فلسطيني واحد».strong>سيريس: الهدف حماية الأولاد
الحاج يحيى سيرّيس، هو من قرية مجد الكروم الفلسطينية، أسس فريقاً يحمل اسم قريته: نادي مجد الكروم الرياضي.
ويقول الحاج إن الهدف هو تجنيب الأولاد التسكّع في الشوارع بجذبهم إلى الرياضة بعد إتمام دروسهم أو أعمالهم.
ويضيف أن ناديه يملك مقراً في مخيم شاتيلا حيث تنظّم نشاطات رياضية وثقافية، وتُقام التمارين على ملعب جلول بمشاركة 30 لاعباً.ويتفق الحاج سيريس مع هلال الهبطة حول الصعوبات المادية، وغياب مساعدات خارجيةوهو ما يفرض على اللاعبين استخدام اللباس عينه لأكثر من سنتين، وبعضهم لا يملك حذاءً مناسباً. ونادي مجد الكروم لا يرتبط بجهة، وهو مع نوادي جباليا وجنين وأريحا وشاتيلا وعكا، أسسوا لجنة رياضية لمنطقة مخيمي صبرا وشاتيلا، تقوم بتنظيم نشاطات رياضية ودورات بمشاركة فرق أخرى كأندية العودة والكرمل والأخوّة، وهي نواد بعضها تابع للاتحاد الفلسطيني وبعضها للجنة الرياضية التابعة لحركة حماس. أما بالنسبة إلى المكتب الحركي فلا علاقة لهذه اللجنة به ولا لأي تجمّع رياضي يتبع لجهة معينة. فالمكتب الحركي يفرض على اللاعبين أن يشاركوا في نشاطاته السياسية ويكونوا بمثابة متفرغين لهذا المكتب. وهذه النوادي الخمسة غير مستعدة لأن تتبع لأي جهة سياسية، وهي ليست معترضة على أحدويبقى العبء المادي هو الأكبر على الفرق، إذ لا يمكن تقاضي مبلغ كبير من لاعب يأخذ مصروفه 500 ليرة في اليوم، أو عامل يتقاضى 50 ألفاً أسبوعياً، ويعمل أسبوعين فقط في الشهر. ويبقى الطموح الأكبر أن يأتي أحد الفرق ويختار لاعباً للانضمام إليه، بحيث يستفيد اللاعب مادياً، ومن اللاعبين الذين انضموا إلى فرق لبنانية: مصطفى الحسن ومصطفى الخطيب وعلي فارس ورشيد بعلبكي ومحمد الوحش، وهم لبنانيون وفلسطينيون يلعبون مع فرق: الاجتماعي، السبيل، هومنتمن وأرارات.
ومن اللاعبين الذين يلعبون حالياً مع فريق مجد الكروم: أحمد الجمل، قصي هلال وعلي عكاوي، ويدرّب الفريق فادي الشورة على ملعب أرض جلول يومي الثلاثاء والخميس، وتقوم هذه اللجنة بتنظيم دورات عديدة ودوري منتظم بمشاركة 7 أو 8 فرق فلسطينية، وقد فاز بلقب الدوري الأخير فريق أريحا ـ شاتيلا، وقبله فريق مجد الكروم، وخلال شهرين سيصار إلى تنظيم بطولة.strong> نجوم يبحثون عن فرصة
- أحمد سعيد (13 عاماً) هو لاعب لبناني موهوب، يلعب في خط الوسط في فريق جباليا، يعمل نجّاراً خلال النهار ويلعب كرة القدم مساءً، وسبق أن لعب مع فريق الأنصار فترة قبل أن ينضم إلى فريق جباليا منذ سنة. ويأمل سعيد أن يكبر ويصبح لاعباً مشهوراً.
- أما عبد الرحمن عكاوي الملقب بـ«الميري»، فهو مدافع صلب يلعب مع فريق جباليا منذ خمس سنوات، وهو تلميذ في مدرسة مار الياس في الصف الخامس، ولا يعرف ما إذا سيصبح لاعب كرة قدم مشهوراً أو لا، لكنه يلعب حباً باللعبة.
- وفي الفريق أيضاً، هناك اللبناني وليد زنتوت (13 عاماً)، وهو مهاجم انضم إلى فريق جباليا منذ ثلاثة أشهر، بعد تجربة مع عدد من الفرق الفلسطينية، لكنه فضّل جباليا نظراً لأنه «فريق منظّم ولا وجود لزعرنات فيه». وعن إمكان انضمامه إلى فرق لبنانية، فهو يحب ذلك ولكن بعد موافقة «مرجعيّته» الكابتن هلال الهبطة.