شربل كريّمعادت ليالي دوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الأوروبي، ولن تكون اللغة الفرنسية محكيّة في أدوارها المتقدّمة، إذ ان أندية فرنسا ودّعت باكراً هذه السنة ليعلن القيّمون على «ليغ 1» والرياضة حالة طوارئ.
ربما لم يفاجأ المراقبون عن كثب بما سمي «الكارثة» في فرنسا، إذ معلوم أن الأندية الفرنسية انشغلت في المواسم القريبة الماضية في تفريخ المواهب وتصديرها إلى الأندية الأوروبية الكبرى التي استفادت منها إلى أبعد الحدود لتحقيق طموحاتها.
لا شك في أن هذا الأمر يعدّ من النقاط المؤثرة سلباً على مدى نجاح الأندية الفرنسية أوروبياً. لكن إذا تطرّقنا إلى لغة الأرقام، نجد فوارق ملموسة أعطت للأندية الإنكليزية مثلاً تفوقاً واضحاً على نظيرتها الفرنسية.
ويبلغ المعدل العام السنوي لميزانية الأندية الإنكليزية في سوق الانتقالات 100 مليون يورو، مقابل 48 مليوناً لأندية فرنسا، بينما وصلت عائدات النقل التلفزيوني إلى 1.400 مليون بالنسبة إلى الأولى مقابل 668 ألفاً للثانية، وعائدات عقود الرعاية 468 مليوناً للإنكليز مقابل 252 مليوناً للفرنسيين.
كما لا يختلف الوضع إذا أخذنا بعين الاعتبار معدل رواتب اللاعبين التي تفوق في إنكلترا ثلاثة أضعاف رواتب لاعبي فرنسا، فيما تدخل الأندية الألمانية مبالغ إضافية إلى خزائنها عبر المعدل المرتفع (40 ألف متفرّج في المباراة الواحدة) للحضور الجماهيري الآخذ بالتدني في فرنسا (21800 متفرج في المباراة).
ولكل هذه الأسباب، ابتعد المستثمرون الأجانب عن «ليغ 1» مفضّلين الـ«برميير ليغ». وهذا الأمر يبدو ملموساً عبر جنسيات مالكي الأندية في إنكلترا الذين أدخلوا أموالاً طائلة إليها أعطتها دفعة إضافية.
من هنا، أكدت استطلاعات الرأي الاخيرة أن الفرنسيين لا يمانعون بعد الآن بيع القسم الأكبر من أسهم أنديتهم إلى رجال الأعمال الطموحين، لا بل وجّهت الدعوات بطريقة مبطّنة إلى هؤلاء لاقتحام ميادينها وإطلاق العنان لمخيّلاتهم، على أمل تكرار مشهد رفع مرسيليا كأس المسابقة الأوروبية الأم الوحيدة في سجل فرنسا عام 1993، وصورة فوز باريس سان جيرمان بلقب كأس الكؤوس الأوروبية في 1996.
ولا بدّ من التوقف عند نقطة هي أن أول الأصوات المتعالية عقب خلو قرعة البطولات الأوروبية من الأندية الفرنسية، كانت عبر وزير الدولة للرياضة برنار لابورت، المعتاد أصلاً على الإنجازات أيام كان مدرّباً لمنتخب الركبي، والذي طلب من رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم جان بيار إسكاليت تقديم دراسة تكشف عيوب اللعبة في البلاد وأسباب تقهقر أنديتها على الصعيد القاري، إضافةً إلى التصويب على مدى قدرة هذه الأندية على إثبات وجودها بين أقرانها في المستقبل القريب والعمل على وضع خطة لتحقيق هذا الأمر.
أين نحن في لبنان من تحركاتٍ مماثلة لبلوغ مستوى معيّن يُبعد عن أنديتنا ومنتخباتنا شرّ المهازل في الاستحقاقات الخارجية؟ إنها قصة أخرى. ففي فرنسا، السياسة في خدمة الرياضة، وفي لبنان الكل في خدمة السياسة!