شربل كريم
إنها الاحتفالات مجدّداً في شوارع مصر المكتظّة.
احتفالات بطريقة تقليدية اعتدنا رؤيتها في كل بلدان العالم عند تحقيق أي إنجاز وطني، وافتقدناها هنا في لبنان منذ أيام انتصارات فريق الحكمة لكرة السلة إقليمياً وقارياً.
كما كانت الاحتفالات المصرية خالية من «رصاص الابتهاج» الذي اعتدنا سماعه في بلدنا، وقد رافق استمراره إلى ليل الأحد الرقص المصري بين غانا ومدن «أم الدنيا»، ما دفع أحد الفكهاء الذي يرى «حقيقة» وحيدة دون سواها نصب عينيه الى اعتبار أنه دوي صوت الفرح بالنصر المصري قبل أن تتضح الحقيقة الملموسة.
المهم أنه «عملتها» مصر، ومن دون رصاص ابتهاج... ولكل بلد حضارته ولكل شعب ثقافته.
ومهما يكن من أمر، لم يكن المنتخب المصري بنظري مرشحاً لإحراز بطولة كأس الأمم الأفريقية هذه السنة على عكس النسخة الماضية التي بدا فيها «الفافوري» على أرضه وبين جماهيره الهادرة في شوارع القاهرة ومدرجات ملعبها الشهير. إلا أن «الفراعنة» الجدد قلبوا التوقعات، وأكّدوا أن سيطرتهم عبر النادي الأهلي على مسابقة دوري أبطال أفريقيا في الأعوام القريبة الماضية، لم تكن جراء الاستفادة من هجرة النجوم الأفارقة للاحتراف في الأندية الأوروبية، فقَدِموا بمنتخب شهد تغييرات جمّة عن سلفه الذي ظفر باللقب في 2006 ليؤكدوا حكمهم الكروي على القارة السمراء مذكّرين بأيام أجدادهم مهندسي الأهرام الذين بسطوا بدورهم سيطرتهم على الجوار قبل آلاف السنين. ويمكن اعتبار أن منتخب مصر تعامل مع منافسيه بأسلوبهم الخاص، إذ أثبت المصريون «رجولة» بدنية لم تحضر عند المنتخبات العربية الأخرى، أمثال المغرب أو تونس رغم امتلاك الأول مثلاً لاعبين أصحاب مهارات فائقة لكنها لم تسعفه لمجاراة «مصارعي» المنتخبات المنافسة، فيما كان «رجالة» المدرب حسن شحاتة على الموعد وقابلوا منافسيهم بالمثل، وهي نقطة كانت أحد أبرز أسباب النجاح في نهاية المشوار.
أمّا نقطة القوة الأخرى، فكانت «العروبي» محمد أبو تريكة الذي شغل العالم بأسره بصورته التضامنية مع أبناء غزة الذين ردّوا التحية بمشاركة المصريين الاحتفالات رغم الحال الصعبة التي يعيشونها حالياً. فعلاً كان أبو تريكة «إكسيلانس»!
ولشحاتة حكاية أخرى، تجعلنا نتساءل عن دوافع الانتقادات التي طالت الرجل والتلويح بإقالته، وكان ردّه بلقبين أفريقيين وميدالية ذهبية في دورة الألعاب العربية الأخيرة.
وعموماً، ليس مفاجئاً جعل المدربين «كبش الفداء» في عالمنا العربي، والدليل الألماني اوتو فيستر الذي أقيل من منصبه مدرباً للنجمة فاتجه فوراً لقيادة توغو في نهائيات كأس العالم 2006 وبعدها حمل «الأسود غير المروّضة» إلى نهائي البطولة الأفريقية.
هذه الخطوة وفوز مصر باللقب القاري، يجعلاننا نطرح علامة استفهام حول قدرة لبنان على اللحاق بركب تطور كرة القدم في عالمنا العربي وسط تقدّم الجميع في مجال وتراجعنا في مختلف المجالات.
لكن لا تقلقوا فقد سبق أن حصلنا على تطمينات بأن اللعبة بألف خير!