علي صفا
عام جديد. كيف نعرف أنه جديد؟
وكلام قديم مُجتر، كيف يصنع جديداً؟
«تنعاد عليكم»! أفّ. سنة وسخة كيف تنعاد عليكم؟
إذا فقد الكلام معناه، والأمثلة فحواها، والعناوين مسراها، يصير كل شيء بحاجة إلى تغيير جذري، لا يصنعه إلا الرجال الكرام.
***

من يقرأ المكتوب؟
المكتوب ما عاد يُعرف من عنوانه، ولا الأحزاب من أسمائها، ولا الزعماء من صورهم، ولا الدستور من مواده، ولا الجمهورية من جماهيرها، ولا الأدعية والبيانات من الأصوات في العبادات، ولا الأمن من حراسه، ولا العدل من قضاته، ولا الرياضة من اتحاداتها المتفرقة، ونواديها المفلسة وإداراتها الجاهلة، ولا يُعرف الإعلام من عقوله وأقلامه، بل من مَرابطه ورابطيه...
***

فقدت الكلمة معناها والثقافة جدواها والحياة مستقبلها...
سقطت علينا علوم الفلك والأبراج من «العالمين والعالمات» الدجالين والدجالات على الشاشات، وفاحت روائح هزّ البطون حيث تضيع العقول...
وانتشر «الغلمان» في برامج السياسة ليحللوا الوقائع ويحرّموا الحقائق، وفقدت الرياضة روحها، ومرسوم الإصلاح والتنظيم ينتظر الفوضى.
***

بلد مليء بالفراغ. والفراغ صار لعبة يملأها الفارغون بكلام فارغ: من كرسي الرئاسة، إلى مدرجات الملاعب، إلى الحكومة الوطنية الغائبة، إلى مراجع دينية خارجة عن دينها.
عندما كان رئيسٌ أفرغوه، وعندما فرغ الكرسي ناحوا على فراغه ليستغلوه.
وعندما كانت الملاعب ملأى أفرغوها، بحجة شتائم وشغب لأفراد، ثم تفرغ الآمرون لإفراغ الحكم والبلد مع أبشع الشتائم والشغب... فراغٌ كيف يحكمه الفارغون؟
***

ويلٌ لرياضة يشتغل مسؤولوها كثيراً من السياسة وقليلاً من الرياضة.
ويل لملاعب تُفرغ جماهيرها بأوامر من الفارغين.
ويل لحقيقة تُسلّم إلى قاتلي الحقوق ومجرمي الحروب.
ويل لحُكم يجرّ شعبه كالخراف بحبال الغريزة والطائفية إلى المجهول.
ويل لزعماء يجلسون مع جلاديهم الكبار في آخر الدنيا ويتهربون من الجلوس مع زعماء مواطنيهم في الوطن.
ويل لأقلام تطعن أكثر مما تكتب، وتمسح أكثر مما تفكر.
ويل لشعب ينتخب، كخرافٍ تختار جزاريها.
... طارت المفاهيم والعناوين، فطار البلد، لولا قلة من رجال الشرف والكرامة يرجوها الوطن... أن تنتصر.