strong> المنشّطات... عنوان حاضر بقوة في عالم الرياضة والرياضيين، فاعل في مراقبة نجومها وفرض عقوبات على متعاطيها، وكاشفٌ من سقط ضحيتها منهياً حياته بسببها، لذا لا بد من الإضاءة على تفاصيلها وأخطارها..
يذكر أهل الرياضة في لبنان، كيف سقط لاعب النادي الرياضي لكرة السلة الأميركي طوني ماديسون في فخّها، فطُرد من ملاعبنا، وقبله سقط لاعب السلة النيجيري محمد آشا (لاعب نادي الحكمة) ميتا في ملعب في اليابان بعد تناوله جرعة زائدة، إضافة إلى زوبعة أثيرت حول الكابتن ايلي مشنتف بعد ثبوت تعاطيه منشطات، عن غير قصد، خلال مشاركته مع المنتخب اللبناني في الصين. لذا نطرق باب المنشّطات، والكلمة لأصحاب الخبرة والمعرفة.
تلقّينا هذا الموضوع المهم بشغف وترحاب من الدكتور محمد خليل رضا المتخصص في الجراحة وأمراض الشرايين والطب الشرعي ومجالات عدّة متفرعة، ونعرضه كما ورد...
هناك منشطات رياضية محظورة «DOPAGE» يفرض القانون عليها عقوبات تأديبية وإدارية وجزائية. فما هي أولاً؟

تعريف

هي وسيلة لتحسين الإنتاج البدني والعقلي للفرد بطريقة اصطناعية وخصوصاً عند الرياضيين، وتعتمد على أدوية تجنّب التعب وتزيد من إمكانات الكدّ بعد تناولها، وهي أدوية مختلفة (نذكرها لاحقاً).
وليست المنشطات حكراً على الرياضيين، بل يتعاطاها أيضاً فنانون ورجال أعمال وساسة وغيرهم. وفي مجال الحيوان أيضاً تعطى للخيول في السباقات عند حقنها بمادة الكوكايين COCAINE.
وفي ميادين الحروب، استعملت المنشطات في الحرب العالمية الثانية، (فرقة الكاميكاز في اليابان)، كما يتعاطاها بعض مسلحي الميليشيات المهووسة.
وخلاصة القول أن المنشطات كانت منتشرة في مجالات عديدة، ومنها الرياضة وعلى أكثر من صعيد، قبل صدور قوانين الحظر والعقوبات وبعدها أيضاً، ويدرك المتتبع للرياضة أسماء مشاهير تم الكشف عن تعاطيهم لمنشطات محظورة فشوهوا سمعتهم وجُرّدوا من ألقابهم وبعضهم سقط ميتاً.
ونذكر أخيراً العدّاءة الاميركية ماريون جونز التي اعترفت بتناولها المنشطات ففقدت ميدالياتها وألقابها، وقبلها السباح التونسي اسامة الملولي ـــــ أوقف 18 شهراً وسحبت ميداليته الذهبية (سباحة 800 م حرة في ملبورن ـــــ اوستراليا. والكلّ يذكر كيف خرّ لاعبون صرعى، منهم الكاميروني مارك فيفيان فوي عام 2003، وقبلهم شاعت أسماء شهيرة منها: العدّاء الكندي بن جونسون ونجم الكرة مارادونا.

تأثيرات المواد المنشطة
هناك تأثيرات يتم البحث عنها خلال تناول المنشطات وأهمها: تنبيه (تنشيط) للتيقظ الدائم، انخفاض معدل الشعور بالتعب، تأثير مسكّن للوجع المرتبط بالجهد البدني، تنبيه الإرادة، تطور عضلي، تنبيه للإرادة والعدوانية، تسارُع النمو، زيادة أكسدة الحوامض الدهنية، زيادة تركيز الدم في الكريات الحمر، خسارة سريعة للوزن، ترقق للبول قبل فحصه، تحسّن التنسيق النفسي الحركي، انخفاض الوجع وزواله.. وغيرها.

المخاطر والمضاعفات

لا تخلو المنشطات من تأثيرات سلبية جانبية منها: مخاطر على القلب والأوعية الدموية تصل إلى الموت المفاجئ، عبر الآليات التالية: تضيّق الأوعية الدموية، تنبّه العصب الودي، اضطراب الشحميات والعضلات. ولطالما لاحظ المختصون عند تشريح الجثث أن 50 بالمئة من الحالات تخص ضخامة عضلة القلب واعتلالها (CARDIO MYO PTHIE)، فيما 15 بالمئة من الحالات هي لتشوهات في الأوعية الدموية للشرايين الإكليلية (CARONNAIRE) للقلب، اضطرابات عصبية ونفسانية، الأرق، اضطرابات في الجهاز الهضمي، اضطرابات بصرية وتنفسية، ترقق العظام، ضمور عضلي، مضاعفات وإصابات في الكبد والبروستات، العقم، انخفاض معدل السكر في الدم، جلطات، الإيدز، وصولًا إلى الموت.

وقاية... تفادي المضاعفات

لتفادي المضاعفات والسقوط المفاجئ للرياضي على أرض الملعب لا بد من اللجوء إلى تدبير احتياطي فعّال، مثل اجراء فحوص منتظمة للرياضي، وتوفير جهاز خاص في الملاعب. ومنذ ثلاثة أشهر، صدر في فرنسا قانون تقدم به وزير الرياضة الفرنسي يقضي بتوفير الصدمات الكهربائية في المراكز الرياضية (25 بالمئة من الحالات بحاجة إلى هذا التدبير)، لذلك لا بد من وجود أساليب وقاية أخرى.

اقتراح خاص

أمام ما ورد، أقترح بصفتي اختصاصياً في الطب الشرعي والجراحة العامة وباحثاً في الأمور الطبية والعلمية، أن يصار الى:
أخذ تعهّد مسبق، من كل رياضي محلي أو أجنبي ينضم الى نادٍ محلي، بعدم تعاطي المنشطات المحظورة، مع بند جزائي بقيمة عالية.
لبنانياً: المسؤولية على اللاعب واتحاده
كيف يتعامل المسؤولون عندنا مع واقع المنشطات؟ أفادنا عضو اللجنة الأولمبية الدولية طوني الخوري بأن «المسؤولية الأولى تقع على عاتق الاتحاد المحلي واللاعب، وخصوصاً في الألعاب الفردية، ودور اللجنة الأولمبية أن تعطي الرياضيين إذن المشاركة في البطولات بعد إجراء الفحوص اللازمة»، ولفت خوري إلى أن بعض الاتحادات المحلية تعتمد هذه الإجراءات (الأثقال، كمال الأجسام وألعاب القوى)، وقد طبّق اتحاد كرة السلة عمليات فحص المنشّطات لموسم واحد فقط، ويضيف: «تقع المسؤولية على عاتق اللجان الأولمبية الوطنية خلال المشاركة في الدورات العربية والقارية والأولمبية، ولتدارك أي فضيحة في هذا السياق، على الاتحادات والرياضيين التعاون والانتباه».
ويذكر أن من يُضبط متعاطياً للمنشّطات وكان من الأوائل، تُشطب نتيجته ويحرم من المشاركة لسنتين، وعند التكرار يمنع نهائياً من المشاركة.
وللتذكير، فإن العينات تؤخذ من الرياضي المعني من البول، الدم، الشعر (وهو بمثابة الصندوق الاسود للجسم وخزان معلومات وأسرار لا يباح بها الا للمختبر المتطور الحديث).
وينبغي حفظ العينات طازجة في «براد»، ويجري المختبر الفحوص للرياضيين ثم تُرسل النتائج بأسرع مهلة الى المراجع المسؤولة: وزارة الشباب والرياضة، اللجنة الوطنية لمقاومة المنشطات، وإلى الاتحاد الرياضي المعني. هذا ما يجري في فرنسا مثلًا. وللعلم أيضاً، تؤخذ من الرياضي عينتان، واحدة ترسل الى المختبر المعتمد والاخرى الى مختبر آخر محايد لمقارنة النتائج.
والطرق المتبعة للتحاليل المباشرة هي:
1 ـــــ رَحلان كهربائي ELECTROPHORESE
2 ـــــ مناعي IMMUNOLOGI`UES
3 ـــــ استشرابي CHROMATO GRAPHIQUES
وهناك تحاليل غير مباشرة، منها تقويم ثوابت الدم والاستقلاب (الحديد)، وقياس منتجات تنكس الفيبرينوجين.
تصنيفات المواد المنشطة المحظورة:
1 ـــــ امفيتامين والكافيين، الكوكايين، افيدرين، FLU و FLURAMINE، وغيرها...
2 ـــــ المخدّرات المضادة للأوجاع، وأهمّها:
ـــــ القنبيات CANNABIS، والكوديين وغيرها...
3 ـــــ الكورتيزون والكورتيزونات الأخرى.
4 ـــــ التستستيرون TESTOSTERONE والأبتينات الأخرى.
5 ـــــ الهرمــــونــــات البيبتـــــــــديـــــــة (PEPTIDIQUES (A.C.T.H).
6 ـــــ المواد المدرّة للبول.
7 ـــــ محصـــرات البيتا BETA BLOQUANETS.
8 ـــــ التخديرات الموضعية.
ويلجأ بعض الرياضيين أحياناً الى الاستفادة ذاتياً من الدم المركّز بالكريات الحمراء المجمّدة.