شربل كريّم
كبرياء الكرة الألمانية في خطر. هذا أقلّ ما يمكن قوله عشية ختام دور المجموعات لدوري الأبطال، حيث يقف ممثلو ألمانيا الثلاثة شتوتغارت وفيردر بريمن وشالكه في وضعٍ حرج قد يحرم «البوندسليغه» من وجود ممثلين لها في الأدوار المتقدمة من البطولة الاوروبية الأم.
14 نقطة من 15 مباراة حصدتها الفرق الالمانية مجموعة، وهو رصيد اعتاد بايرن ميونيخ «الغائب»، وحده تخطيه في مواسم معيّنة، وقد تصدق التوقعات التي دعت عشية انطلاق البطولة بعدم أخذ فرق المانيا في الحسبان، لسببٍ اساسي هو عدم امتلاكها اسم بايرن المرعب للفرق الكبرى الأخرى خلال المواجهات الحاسمة.
لا أذكر تحقيق ثلاثة فرقٍ تنتمي الى بلدٍ واحد رصيداً ادنى من النقاط حتى الجولة ما قبل الاخيرة من البطولة منذ موسم 1999 ـــــ 2000 عندما جمعت فرق فينورد وبي أس في ايندهوفن وفيليم الهولندية 14 نقطة عند الجولة الختامية حيث تأهل الاول الى الادوار الإقصائية، وهو الامر الذي قد لا يتذوّق طعمه أيّ من الفرق الالمانية...
وإذ تنتفي المقارنة بين الدوري الهولندي ونظيره الالماني نسبة الى الانجازات الأكبر التي سطّرتها الاندية الالمانية على الصعيد الاوروبي، فإنه لم يعد بالامكان أيضاً اجراء ايّ مقارنة بين فرق «البوندسليغه» وتلك التي تنتمي الى اسبانيا وايطاليا وانكلترا، اذ يبدو أن متطلبات دوري الابطال أضحت تفوق قدرات الالمان الذين كانوا حتى الماضي القريب من الأسياد الاساسيين في هذه البطولة، والدليل احراز بايرن للقب عام 2001 وبلوغ باير ليفركوزن المباراة النهائية في 2002.
على من يقع الحق؟ الأكيد انه ليس هذه المرّة على الطليان الذين قضوا على الاحلام الالمانية في مونديال 2006، كذلك هو ليس على بايرن ميونيخ الذي «اقتصد» كثيراً، خاتماً خزينته بالشمع الاحمر، وهو ما كلّفه بطاقة العبور الى دوري الابطال. انه من دون شك خطأ الاتحاد الالماني لكرة القدم الذي أسهم عن غير قصدٍ في رزوح غالبية أنديته تحت الديون التي أثقلت كاهلهم ودمّرت أهدافهم المستقبلية، فيما اضطر آخرون أمثال بايرن لتخبئة «قرشهم الابيض من اجل يومهم الاسود».
قصة الانهيار التدريجي بدأت بعد 2002 عندما أعلن «تايكون» الإعلام ليو كيرش افلاس شركته التي باعها الاتحاد الالماني حقوق النقل التلفزيوني، وهو الذي كان قد وعد بدفع 460 مليون يورو سنوياً للأندية التي سارعت مع ارتباط شبكة كيرش بالدوري الالماني الى عقد صفقات بمبالغ تفوق قدراتها المالية، فوقعت الكارثة.
إذاً، بدلاً من أن تحصد الكرة الالمانية ثمار نجاحات بايرن ميونيخ وباير ليفركوزن وقفت متفرجة على الاندية الاوروبية الاخرى التي تصول وتجول بقدراتٍ مالية فائقة في سوق الانتقالات، لذا وسط «فقرها» وعدم وجود لاعبين لديها للتصدير، لن يكون غريباً ان يصبح الطموح الاقصى لاندية المانيا حجز بطاقة الى كأس الاتحاد الاوروبي عبر دوري الابطال، إذ يحصل مثلاً بطل المانيا على 26 مليون يورو جرّاء فوزه باللقب مقابل 40 مليون يورو للفريق الذي ينجح في الصعود الى الدوري الممتاز في انكلترا!
لكن ليس هذا هو السبب الوحيد للانهيار المرتقب. احزروا ماذا؟ انه كيرش مجدداً، فقد «قام من بين الاموات» ليحتكر الحقوق التلفزيونية عبر شركته الجديدة «سيريوس» حتى 2015!