برازيليا ــ بول الأشقر
أسدل الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» الستار على الموسم الكروي لسنة 2007 بتنظيم حفله السنوي في مدينة زيوريخ السويسرية، حيث سيطر البرازيليون على الجوائز المختلفة، إذ حصد كاكا جائزة أفضل لاعب وحافظت مارتا على لقب أفضل لاعبة، فيما منح «الملك» بيليه جائزة رئيس الاتحاد عن مجمل إنجازاته الكروية، ومواطنه بورو أفضل لاعب للكرة الشاطئية


لا يخفى أنه من أجمل لحظات الحفل تلك الدموع التي انهمرت من عيني بيليه الذي حاز إحدى جوائز «الفيفا» بعدما افتقدها في عصره، لأن جائزة أفضل لاعب لم تكن قد ولدت يوم تسيّد «الجوهرة السوداء» ملاعب المستديرة. كما لفت حصول نادي برشلونة الإسباني على جائزة الروح الرياضية، وهو الذي لا يضع الإعلانات على قميصه، لكنه كسر القاعدة ليظهر فقط شعار «اليونيسيف». و«بشّر» الاتحاد الدولي بولادة نجوم جدد بمنحه الأرجنتيني سيرجيو أغيرو، جائزة أحسن لاعب في مونديال الشباب، والألماني طوني كروس، جائزة مماثلة بعد بروزه في مونديال الناشئين.
وعلى عكس استثناء عام 2006 حيث فاز المدافع الإيطالي فابيو كانافارو بلقب أفضل لاعب للمرة الأولى منذ إطلاق الجائزة عام 1992، عاد المهاجمون إلى الواجهة، وقد تصدّر كاكا ترتيب النقاط بـ1047 نقطة، وهو أعلى رقم يناله لاعب منذ تأسيس المسابقة، متقدّماً على الأرجنتيني ليونيل ميسي (504 نقاط) والبرتغالي كريستيانو رونالدو (426 نقطة).
أمّا عند النساء، فقد نالت «الساحرة» مارتا 988 نقطة أمام الألمانية بيرغيت برينز (507) والبرازيلية الأخرى كريستيان (150). وبحصولها على لقبها الثاني، لحقت مارتا بالأميركية ميا هام، فيما تبقى الألمانية برينز الوحيدة التي نالت اللقب ثلاث مرات.
كاكا حسم اللقب الخامس للبرازيل بعد روماريو وريفالدو ورونالدينيو (نال اللقب مرتين) ورونالدو بفضل دوره الكبير في فوز فريقه ميلان الإيطالي بمسابقة دوري أبطال أوروبا حيث كان هداف المسابقة أيضاً.
وإذا سلّمنا أن الخبر كان عادياً، أي إحراز لاعب برازيلي للجائزة العالمية، فإن كاكا يمثّل استثناء اجتماعياً، إذ إنها المرة الأولى التي يحصل عليها برازيلي ينتمي إلى الطبقة الوسطى. وابن مهندس البناء التحق بمدرسة ساو باولو الكروية في طفولته، بيد أنه كاد أن يوقف مسيرته في سن الثامنة عشرة بعد حادث في مسبح أثّر على وضع فقرات عموده الفقري. ورُفّع كاكا الى الفريق الأول عام 2001، لكنه لم يعجب جمهور النادي الذي كان يتهكّم على نحالته، إلا أنه أثبت كفاءته، ما فتح أمامه أبواب الانتقال إلى ميلان عام 2003، حيث صار إلى جانب الهولندي كلارنس سيدورف والكابتن باولو مالديني عنصراً أساسياً في تشكيلة المدرب كارلو انشيلوتي، وأضحى اليوم صاحب أعلى راتب في عالم الكرة.
وينتمي كاكا إلى الكنيسة الإنجيلية التي تعدّ الأكثر «أصولية» في البرازيل، وهو يشكر الخالق رافعاً إصبعه إلى العلا في إشارة مميزة بعد كل هدف يسجله. ورغم العروض الخيالية ومنها عرض ريال مدريد بطل إسبانيا، فضّل «الفتى الذهبي» البقاء في ميلانو إلى جانب الكتيبة البرازيلية المؤلفة من الحارس ديدا وكافو وإمرسون وسرجينيو ورونالدو، إضافة إلى شقيقه المدافع ديغون الذي سيبدأ اللعب قريباً في الفريق الأساسي.
إذا كانت مسيرة كاكا الاستثناء الذي يكذّب أسطورة الفقراء الذين يصعدون في الحياة بواسطة الكرة، فمسيرة مارتا فييرا دا سيلفا (21 عاماً) تؤكدها تماماً. ابنة عائلة ريفية في أفقر ولاية في شمال شرق البرازيل، فرضت مارتا نفسها أولاً على الشبان في هذه البيئة الريفية ليلعبوا معها، ثم على البلد ثانية حيث «عبادة الكرة» وخصوصاً أن ممارستها كانت مخصصة للشبان، حيث حتى يومنا هذا لا ينظّم الاتحاد بطولة رسمية للسيدات!
والتحقت «العسراء» بفريق أولميا السويدي عام 2004، وقادت المنتخب البرازيلي مرتين إلى نهائي الألعاب الأولمبية ونهائي المونديال. وبعد اللاعبة التاريخية هام واللاعبة الحاسمة برينز، تبرز الصغيرة القامة مارتا كأول «عبقرية» للعبة النسائية، وكل شيء يدّل على أنها جاءت لتبقى متربعة على عرش الكرة النسائية.