strong>علي صفا
لكل رياضة منتخبات. هي رموز تمثل اللعبة والوطن، وهي نتاج مستويات الفرق ونجومها وعمل اداراتها، وهي قمم حضورها في البطولات القارية والعالمية. لذا تصرف الدول ما يلزم لتحضير منتخباتها الوطنية... فماذا عن منتخباتنا؟

في لبنان، رياضة وألعاب ومنتخبات، يبرز منها منتخبات كرة السلة وكرة القدم مع اهتمامات شعبية أكثر من غيرها.
سلة لبنان وصلت العالمية مرتين، قبلاً في مونديال إنديانابوليس الأميركية 2002، والعام الماضي في اليابان 2006، وسجلت فوزين على فرنسا وفنزويلا، وحلّق منتخب الناشئين آسيوياً ليمثلنا في مونديال فانكوفر ــ كندا في تموز 2007.
هذه هي سلتنا التي زرعت سنوات فحصدت عبر قواعد لها وملاعب في مناطق لبنان كلها... فماذا عن كرة القدم؟
كرة لبنان شعبية، ويقال انها اللعبة الشعبية الاولى. كانت، واليوم تدور خجلاً وحزناً بلا جمهور ولا شعبية، لأسباب يقال أمنية وسياسية و... الله أعلم. فماذا عن منتخبات لبنان الكروية؟
¶ منتخب الكبار، خاض الشهر الماضي تصفيات بطولة كأس العرب، وحل ثانياًَ في مجموعة خلف السودان وقبل موريتانيا والصومال المتواضعتين. وظهر متواضعاً، حسب تواضع ما توفّر له ولجهازه، ومتراجعاً عن مستواه العام الماضي وما قبله، حيث لا جديد ولا تحضير، ومع غياب محترفيه في المانيا رضا عنتر ويوسف محمد. ومع ذلك جاهد ولعب... مع جزيل الشكر.
¶ منتخب ناشئي لبنان (17 سنة). خاض تصفيات... في أيلول 2006. خسر مع منتخب العراق (1 ــ 5)، ومن منتخب سوريا (3 ـ 9). نتائج قاسية وجارحة، ومن أسبابها عدم التحضير الكافي وتواضع الامكانات.
¶ منتخب لبنان الاولمبي، يستعد لخوض التصفيات الاولمبية في مجموعة آسيوية تضم عمان وفيتنام وأفغانستان والفائز من بين إندونيسيا والمالديف.
لعب منتخبنا، قبل يومين، مع مضيفه منتخب الاردن وتعادلا (0-0)، نتيجة مقبولة، ونتوقف أمام ما صرح به جهازه الفني قبل سفره «لم نتدرب كفاية لعدم توفر ملاعب للتمارين... لكننا نلعب لنسجل حضورنا ونعرف ثغرنا».
نكرر، لم يجد منتخب الوطن ملعباً لتمارينه ليكون حاضراً لتمثيل الوطن!
وهذا ما يتردد ايضاً عن منتخب الكبار ومنتخب الناشئين. غريب، لماذا وما الذي يجري؟
في بيروت العاصمة وحدها ستة ملاعب رسمية وخاصة وفي خارجها اكثر منها، ولا تجد منتخبات لبنان ملعباً واحداً يفتح أبوابه لاستقبالها عند استحقاقات مهمة.
هذا المشهد يعني الكثير، رياضياً وسياسياً وما بينهما.
أولاً، يعني أن اتحاد اللعبة، المشرف على المنتخبات، لم يتمكن من تأمين ملعب لمنتخبات الوطن، سواء مجاناً أو مدفوعاً.
ويعني أن ادارات ملاعب العاصمة لم تفتح ابوابها لاستضافة منتخبات الوطن، وهي كلها محسوبة على مراجع سياسية وحزبية «وطنية».
ويعني انه لم يفرض أو يتحرك مرجع سياسي واحد من أصحاب المونة على «عملائه الاداريين» لفتح ملاعب الوطن أمام منتخبات الوطن!
ويعني ان وزارة الشباب والرياضة لا علاقة لها بأي شكل بتحضير منتخبات الوطن!
هذا ما يعني ضمناً الجهاز المشرف على تحضير منتخبات لبنان، المتبرع بوقته وعطائه مشكوراً، وهذا ما يعني أيضاً اتحاد اللعبة برجالاته المتصلين بمراجع سياسية فاعلة وقادرة في الرياضة وغيرها.
مشهد غريب عجيب إذا ما قارناه بمشهد آخر جرى قبل أيام.
بعد انتشار خبر «احراق منشآت ملعب الأنصار» استنكر الجميع، ونحن منهم، وقدمت أندية ملاعبها لخدمة الانصار وتمارينه في حركة تكافل راقية، وفتح ملعب بيروت البلدي لتمارين الانصار... مشكوراً.
وببساطة يطرح سؤال متشعب: لماذا لم تفتح أبواب الملاعب لمنتخبات الوطن؟
وببساطة نستنتج: العلاقات والمبادرات الفردية الخاصة أقوى بكثير من العلاقات والمبادرات الوطنية..
ليس جديداً، هذه مشكلة لبنان الوطنية بامتياز.
منتخبات الوطن الرياضية تشكو من فقر الامكانات وقلة الدعم وتوفير الملاعب، فيما تشهد ساحات الوطن السياسية ــ الطائفية خصوصاً مزيداً من دعم المال والسلاح والفتن.
حسن. ايها الاخوة: حوّلوا منتخبات الوطن الرياضية الى منتخبات ميليشيات ورماية، وسيأتيكم الدعم وتؤمن لكم ملاعب للتدريب والقنص والحمايات الشخصية، وتؤمّن الميزانيات ووسائل النقل وعدة الرصاص بدل «الكرات»، وتؤمّن للعناصر مرتبات وميزانيات ورعايات من شركات أجنبية وعربية.
أيها الاخوة، لا وقت للألعاب الرياضية، ولا لمنتخبات الكرة، هذا وقت الرماية الوطنية والفتن الوطنية.
أيها الاخوة، بلا رياضة، بلا منتخبات، بلا بلّوط.
وعشتم... وعاش لبنان.