شربل كريّم
اقتصر الاهتمام بالجنس اللطيف في ملاعب كرة القدم على مخرجي المباريات الذين دأبوا على رصد الحسناوات منهن في المدرجات لإضفاء نكهة ملطّفة تعكس وجهاً أنعم للعبة الشعبية الأولى في العالم وسط أحداث العنف التي تشهدها الملاعب بين حينٍ وآخر.
فجأة تغيّر كل شيء، على الأقل في لبنان، إذ رغم الحضور القياسي لكأس العالم للسيّدات التي استضافتها الصين أخيراً، بقي اللبنانيون على مسافةٍ من هذه البطولة حتى وصلت إلى عتبة المباراة النهائية. عاد الجميع إلى تقليد التحدّي المعروف في أيام مونديال الرجال، فحضرت النكايات والمراهنات الثنائية، والسبب الوجيه لهذا الأمر بلوغ ألمانيا والبرازيل المباراة النهائية، وهما كما هو معلوم البلدان اللذان نجد علَميهما الأكثر انتشاراً على شرفات المنازل في كل أربع سنوات.
لم يتأخر عشاق المنتخب الألماني البطل عن رفع راية الثأر ردّاً على خسارة نهائي مونديال 2002 أمام «راقصي السامبا»، وبالفعل احتفظت ألمانيا بلقبها من دون أن يدخل مرماها أي هدف (سجلت 21 هدفاً) في بطولةٍ حفلت بالأهداف الكثيرة (111 هدفاً) والنعومة الزائدة عن اللزوم لكون البطاقة الحمراء قد رفعت مرتين فقط!
وبالطبع كانت ردّة الفعل على النتيجة وفق الطريقة اللبنانية، إذ إن هواة البرازيل أبدوا عدم اكتراثهم وقللوا من شأن بطولة السيّدات بشكلٍ عام، رغم سؤالهم بادئ الأمر بشغفٍ عن هوية الفائز بالكأس الذهبية، فيما وجد محبو ألمانيا ذريعة «للشماتة» على الأقل حتى موعد كأس العالم المقبلة في 2010، وذلك بعدما طاردهم طوال الأعوام القريبة الماضية شبح رونالدو صاحب هدفي الفوز في مرمى أوليفر كان في نهائي المونديال الآسيوي 2006.
أما لماذا ألمانيا والبرازيل مجدّداً على قمة العالم، فلهذا الأمر قصة مغايرة؟
يدرك الجميع أن الكرتين الألمانية والبرازيلية سجلتا حضوراً دائماً على الصعيد العالمي، فالأولى بفضل اعتبارها الكرة «علم» بحدّ ذاته، والثانية لكونها منبعاً حقيقياً للمواهب، لذا لا يبدو مفاجئاً للمتابعين عن كثب ألا يشذّ الألمان والبرازيليون عن تقاليد بلادهم الكروية.
ورغم أن البرازيل لم تدخل المونديال الأخير بصفتها بطلةً لأميركا الجنوبية بعد ذهاب اللقب إلى غريمتها الأرجنتين (خسرت أمام ألمانيا 0ـــــ11 في الدور الأول!)، فإنها من دون شكّ ستكون سيّدة القارة اللاتينية دون منافس حقيقي، اذ تستقطب الكرة النسائية اهتماماً واسعاً لديها، في الوقت الذي أشارت فيه دراسة حديثة إلى أن نساء الأرجنتين يكرهن كرة القدم كردة فعل عفوية على جعل الرجال منها أولوية في حياتهم الاجتماعية.
في المقابل، تتعامل ألمانيا مع سيّداتها بطريقة الرجال نفسها لناحية تحضير اللاعبات والمدربات، وقد أثبتت «الفاتنات القاتلات» أن قوة شكيمتهن لا تقلّ شأناً عن تلك التي اشتهر بها الذكور طوال تاريخ ذاك البلد العنيد الذي يبدو أنه يعيش عصر التفوق النسوي، فانتقلت راية القيادة السياسية من المستشارين إلى المستشارات مع أنجيلا ميركل، وحملت بيرغيت برينز الكبرياء الكروية بدلاً من «القيصر» فرانتس بكنباور.