strong>علي صفا
كرة العالم الشعبية، والإمبراطورية الأكبر، من مسار الاحتراف في العالم الأول الى مسار الانحراف في العالم الآخر. ومن لا يتقدم يبقَ على هامش الحياة وخارج البطولات... فما هو مصير كرة لبنان بين سكة الهواية والاحتراف؟

كل شيء يجب أن يتطور... أو يتقهقر، فالتطور هدف الحياة وصولاً الى عوالم الرياضات. وفي رياضات العالم تهاوت الهواية وتبخرت أسسها (حتى في المجال الأولمبي) وتحولت الى مجال الاحتراف فجذبت كبريات الشركات ورجال الأعمال ورؤوس الأموال، وخصوصاً في عوالم سباقات السيارات والتنس والغولف وكرة السلة... وصولاً الى لعبة الشعوب الأولى كرة القدم.
وعليه، فقد تحوّلت خريطة العالم الرياضي الى عالم أول احترافي في أوروبا وأميركا، يليه قطار أميركا الجنوبية، فيما يحاول قطارا آسيا وأفريقيا أن يلحق بهما ولو من بعيد.
إمبراطورية كرة القدم.
تطورت لعبة الكرة عبر مئة عام لتمثّل حالياً إمبراطورية عالمية (الفيفا يضم 201 اتحاد) وبطولاتها تشغل العالم وتحرك وسائل إعلامه ومليارات من أمواله، وتدفع دول العالم البسيطة والفقيرة ليكون لها منتخب أو فريق يرفع علمها في محافلها الدولية ما يعدّ نصراً للبلد وحكامه ولو في مجرد الحضور ليوم واحد، فأين تجلس كرة آسيا في هذا الحفل؟

كرتنا... آسيا

قارة آسيا هي الأكبر (45 اتحاداً) لكنها الأضعف والأبعد عن الاحتراف السائد والمطلوب إذ انطلق بعض أطرافها البارزة في السنوات العشر الأخيرة عبر اليابان والسعودية وإيران وكوريا، قبل أن يطلق الاتحاد الآسيوي للعبة برئاسة القطري محمد بن همام النداء الأخير بلزوم فتح أبواب الاحتراف للمشاركة في البطولات الآسيوية، بدءاً من عام 2009. وبدأت اتحادات عربية فعلاً بتنظيم أوضاعها وتأليف لجان مختصّة لتنظيم الاحتراف المناسب كما حصل في قطر والإمارات العربية وسوريا والكويت وغيرها على الطريق، فهل وصل النداء الى لبنان؟

كرة لبنان

طبعاً وصل النداء الآسيوي لكنه تاه ضجيج مشاكل اتحاد اللعبة والوطن وصراعاته السياسية والأمنية والرياضية الداخلية... ما العمل؟
اللعبة عندنا غارقة في مشاكل مكدسة، وغدت تعبر الأشواك، والموسم الجديد بدأ مكسوراً فألغيت مسابقتا «النخبة والسوبر»، والدوري يبدو مبهماً.
فكيف يتحرك قطار التطور نحو الاحتراف ومتى ينطلق، ومن يقوده؟
سؤال كبير الى الاتحاد اللبناني للعبة أولاً، وإلى الأطراف جميعاً تالياً: هل لدى الاتحاد أي فكرة أو مشروع لإطلاق التطوير والاحتراف المطلوب والمفروض؟
الجواب واضح للجميع: لا خطة ولا برنامج... ما العمل؟

التطوير... نحو الاحتراف
كرة لبنان تحتاج إلى ورشة تطوير عام، عبر دراسة شاملة لواقع حديث في أنظمة اللعبة ونواديها والإدارات والتحكيم وصولاً الى الإعلام والملاعب والجمهور. من يضع تلك الدراسة ومتى؟
وللتذكير فقط، فقد سبق لعضو الاتحاد مصطفى حمدان أن تقدم باقتراح «تشكيل لجنة تطوير للعبة» ورد في تعيم الاتحاد (الرقم 39 بتاريخ 17 أيلول)، فمتى ينطلق عملها؟ ... إن تطوير اللعبة يجب أن يطاول كل الأطراف المعنية ودوائرها، وينطلق أولاً من «تنظيم حديث لاتحاد اللعبة وحسب طلب الفيفا (5 أعضاء فقط) مع تحديد الصلاحيات وتكليف «الأمين العام» كموظف.
  • وضع نظام حديث عام للعبة، للانتقال تدريجاً نحو الاحتراف المناسب.

  • فرز نوادي الكرة الحالية بين هاوية ومحترفة.

  • نظام جديد لعقود اللاعبين.

  • نظام حديث للمسابقات المحلية.

  • علاقة رعاية ودعم بين النوادي والشركات الوطنية الكبرى (مادياً ووظيفياً).

  • ... والعمل بهذا يتطلب إدارات محترفة، وأجهزة محترفة، وتحكيم محترف، وإعلام متحرر ومحترف.
    هي ورشة عمل كبرى لمسح الواقع المريض والعبثي نحو واقع حديث ينظم اللعبة ونواديها، ويضع جميع المعنيين أمام سؤال واحد: لماذا تلعبون كرة القدم؟