شربل كريّم
لم يكن خبر رحيل جوزيه مورينيو عن تشلسي بمثابة الصدمة او المفاجأة، على الاقل بالنسبة لي، اذ حاولت منذ نهاية الموسم الماضي توقّع اسم الخليفة المنتظر للرجل الذي يعرف جيداً كيفية تسليط الأضواء على نفسه حيث يكفيه التفوّه بكلمتين فقط من دون مبالغة ليشغل رجال الإعلام والرأي العام الكروي في انكلترا والعالم.
لا شك في أن طلاق مورينيو من النادي اللندني كان امراً متوقعاً بالنسبة للمتابعين عن كثب، كذلك يعدّ الأمر الأكثر اثارة للاهتمام في كرة القدم في الفترة الاخيرة. وكان يمكن استخلاص اقتراب «انكسار الجرّة» بين المدرب الفذّ ومالك النادي «التايكون» رومان ابراموفيتش انطلاقاً من مباراة تشلسي وروزنبورغ النروجي الثلاثاء الماضي في الجولة الاولى من مسابقة دوري ابطال اوروبا، اذ إن قلّة من مشاهدي اللقاء انتبهوا او فسّروا حركة رأس ابراموفيتش المترافقة مع ابتسامة ساخرة عندما نجح الضيوف في تسجيل هدف التقدّم. وكان التأكد من ارتفاع حدّة التوتر بين الرجلين سهلاً عندما عادل الاوكراني اندري شفتشنكو النتيجة، اذ في الوقت الذي انفجر فيه الملعب ومقاعد البدلاء فرحاً، بدا مورينيو كالصنم متجهّم الوجه كأن الهدف دخل مرمى فريقه تحديداً، وما لبث أن استشاط غضباً لسببٍ غير واضح صارخاً بلاعبيه الذين لم يكونوا قد انهوا بعد احتفالهم!
في تلك الامسية، ربما تمنى مورينيو الخسارة على رؤية شفتشنكو يهزّ الشباك. قد يستغرب البعض هذا الكلام لكنها الحقيقة الفعلية، اذ إن النجم الاوكراني كان القنبلة التي دمرّت جسر التواصل بين المدرب وصاحب النادي منذ وصوله الى لندن قادماً من ميلان الايطالي الصيف الماضي. وبغضّ النظر عن عدم نجاح مورينيو (الناجح محليّاً) في جلب لقب دوري الابطال، المطلب الاول لابراموفيتش، فإن سبب الخلاف الاول كان فَرض «شيفا» في تشكيلة الفريق الازرق، وصَرف 30 مليون جنيه استرليني لاستقدامه مقابل عدم السماح لمورينيو بالتعاقد مع اللاعبين الذين يريدهم في موازاة الحدّ من الميزانية المخصّصة لهذه المسألة...
نظر مورينيو الى شفتشنكو صديق ابراموفيتش على انه «مُخبر» لدى الأخير ينقل ما يدور في كواليس غرف الملابس، وهمس البعض في أذن الروسي بأن الاول يهدر امواله من دون اصابة الهدف المنشود المتمثل بلقب دوري الابطال الذي احرزه مع بورتو عام 2004 بأقل تكلفة مادية ممكنة. وزاد الطين بلّة البداية الأسوأ لتشلسي محلياً منذ 2001، وحضور نحو 25 الف متفرج فقط لمباراته امام روزنبورغ في نسبةٍ هي الادنى له قارياً منذ مواجهته زيلينا السلوفيني عام 2003، وهو ما اكد فكرة ابراموفيتش بأن الاستعراض اضحى غائباً عن «ستامفورد بريدج»، فوجد في الامر ذريعة لاحداث تغيير.
رحل «الفم الكبير» مانحاً فرصة للصحافيين لالتقاط انفاسهم، وقد يرتاح قسم منهم من ملاحقته ونقل «ثرثراته»، لكن ربما ايضاً سيفتقد هؤلاء، ومثلهم المدربون المنافسون، معاركه الكلامية وإضافته غير الكلاسيكية الى «بريستيج» الكرة في انكلترا.
انه حقاً رجل فريد من نوعه، عامله ابراموفيتش كموظف عنده وكان الأمر للمال!