strong> شربل كريّم
إذا كان ريال مدريد قد فاز ببطولة الدوري الإسباني لكرة القدم في الموسم الماضي، فإن غريمه التقليدي برشلونة يظهر عشية انطلاق الموسم الجديد في نهاية الأسبوع الحالي وكأنه ربح سوق الانتقالات، وخصوصاً بعدما أظهر لاعبوه الجدد أنهم يستحقون المبالغ التي دفعت لاستقدامهم، وعلى رأس هؤلاء المهاجم الفرنسي تييري هنري الآتي من آرسنال الإنكليزي.
ومما لا شك فيه أن التعاقدات مع لاعب الوسط العاجي يايا توريه والمدافعين الفرنسي إريك أبيدال والأرجنتيني غابريال ميليتو جاءت في مكانها، إلا أن صفقة هنري اعتبرت بمثابة الهدية الأثمن لجماهير الفريق الكاتالوني من أجل نزع طعم خسارة الموسم الماضي والتطلع بشغفٍ الى الموسم المقبل على أمل اختتامه بالرقص في شوارع كاتالونيا احتفالاً بعودة لقب «الليغا» الى «نو كامب».
قدوم هنري الذي يعدّ أحد أفضل أبناء جيله، الى برشلونة أفرز نقطة مهمة، ألا وهي جعل الفريق الكاتالوني الأكثر مهارة في العالم بالنظر الى وجود الأرجنتيني الماهر ليونيل ميسي والبرازيلي رونالدينيو والكاميروني صامويل إيتو، إضافةً الى المفاجأة المكسيكي جيوفاني دوس سانتوس الذي خطف الأضواء من الجميع خلال فترة الاستعداد للموسم الجديد، من دون إغفال بروز الناشىء بويان كركيتش (16 عاماً) صاحب الموهبة التي تفوق سنّه.
ويبدو السؤال المطروح بقوة اليوم عن إمكان تحوّل النعمة التي يتمتع بها المدرب الهولندي فرانك ريكارد دون سواه من المدربين، الى نقمةٍ حقيقية في ظل وجود هذه التخمة من اللاعبين المبدعين الذين يقاتلون بشراسة على مركزٍ أساسي في التشكيلة؟
إذا استبعدنا منطقياً إدراج ريكارد لدوس سانتوس وكيركيتش ضمن دائرة الكبار في شكلٍ أساسي، فإن الـ«فانتاستيك فور» (الرائعون الأربعة) رونالدينيو، هنري، ميسي وإيتو سيكونون الحجر الأساس لتوليفة ريكارد رغم أنه من الصعب دفعهم الى الملعب في مرحلةٍ واحدة، لكون المدرب الهولندي يملك أربعة لاعبين من مستوى متقارب لثلاثة مراكز هجومية. لكن ضغط اختيار الأساسيين ليس بالأمر الوحيد الذي يقلق راحة مدرب «البرسا» لأنه سيكون عليه في بادىء الأمر خلق «الكيميائية» الضرورية بين نجومه حتى لا تتكرر تجربة «غالاكتيكوس» ريال مدريد الذي جمع نجوم العالم من دون أن يتمكن من حصد الألقاب في فترة من الفترات.
ومهما يكن من أمر، فإن فشل ريكارد غير مقبول على الإطلاق لأن رئيس النادي المحامي جوان لابورتا وفّر له كل المتطلبات اللازمة للنجاح رغم كل الصعوبات التي واجهته، وخصوصاً في انتقال هنري الذي كان هدفاً طويل الأمد للنادي الكاتالوني ليضيف موهبته الفائقة الى سحر رونالدينيو ومهارة ميسي واللمسة الفتاكة لإيتو.
ويقول كثيرون إن وجود «الرائعون الأربعة» لن يسبب الصداع لريكارد ولن يغيّر من طريقة لعب برشلونة أو استراتيجيته المعهودة، لكن تجارب «التخمة» أثبتت العكس في أماكن أخرى، آخرها في تشلسي الإنكليزي حيث عانى المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو الموسم الماضي في اختيار عناصره الأساسية، وإن الحادثة التي حصلت بين رونالدينيو وإيتو في الموسم الماضي تترك علامة استفهام كبرى عن مدى استعداد الكاميروني لملازمة مقاعد البدلاء في ظل اعتبار مراكز البرازيلي والفرنسي والأرجنتيني خطوطاً حمراء؟
ويبدو أن ريكارد سيتجه الى مبدأ المداورة في تشكيلة قوامها ثلاثة مهاجمين
(4-3-3) بعدما أثبتت هذه الخطة فعاليتها في الموسم قبل الماضي حيث احتفظ برشلونة بلقبه بطلاً لإسبانيا. وإن هذه الاستراتيجية تناسب طريقة لعب هنري الى أبعد الحدود، مع عدم استبعاد (ولو بدرجةٍ قليلة) إسناد المدرب مركزاً متأخراً لرونالدينيو أو ميسي ما يسمح لإيتو بالمشاركة أساسياً، الأمر الذي يبشّر بالكثير والكثير من الأهداف.
أما الأمر شبه المؤكد فهو إبعاد البرتغالي ديكو عن التشكيلة الأساسية بعد الموسم المخيّب الذي قدّمه حيث كان نقطة الضعف الواضحة في خط وسط برشلونة، علماً بأن الكثير من المراقبين استغربوا بقاءه في حسابات ريكارد لهذا الموسم. ويمكن القول إن سرعة وتيرة لعب برشلونة في ظل وجود ميسي وهنري تحديداً أضحت أسرع من قدرة ديكو على مجاراة زملائه، وخصوصاً أنه لا يلعب دوراً دفاعياً كبيراً ما يعطي الأفضلية لتوريه والدوليين شافي هيرنانديز وأندريس إينييستا.
ويأتي الرأي حول إبعاد ديكو انطلاقاً من تحمّل دفاع برشلونة عبء تقاعس الوسط في مكان ما الموسم الماضي، وعلى وجه التحديد صانع الألعاب البرتغالي الذي كان من السهل تجاوزه من قبل الخصوم، فكان البحث عن توريه صاحب البنية الجسدية القوية، ما دفع البعض الى تسميته «فييرا الجديد» نسبة الى قائد المنتخب الفرنسي باتريك فييرا، لكن بكل تأكيد فإن العاجي لن يكون بمقدوره فرملة الهجمات المضادة على فريقه ما يعزّز فرضية وضع إينييستا الى جانبه مع إعطاء حرية أكبر لشافي من أجل تغذية الأجنحة بالكرات، وهي التي ستكون نقطة القوة لدى برشلونة مع وجود أولئك المهاجمين السريعين.
ولا يخفى أن ريكارد يقف الآن أمام تجربة جديدة في مسيرته مدرباً، وهو يتطلع الى تفادي ما وقع في مطبّه ريال مدريد حيث ازداد النجوم وشحّت الألقاب. ويسعى الى كتابة اسمه بأحرفٍ مذهّبة في كتاب إنجازات النادي الكاتالوني لأنه في حال فشله، فإن البطاقة الحمراء سترفع في وجهه من أقرب المقرّبين، أي «الهولندي الطائر» يوهان كرويف الذي دأب على تحذيره أخيراً من مغبة الاحتفاظ بالرائعين الأربعة جميعهم، داعياً إياه «للتخلص» من أحدهم (تحديداً رونالدينيو أو إيتو).
فمن سيكسب الرهان؟