strong>علي صفا
صارت قضية رشوة عناصر من نادي الأنصار لحارس مرمى فريق المبرة المزعومة في يد الاتحاد اللبناني لكرة القدم، وتسلّم الاتحاد كتابين من الناديين المعنيين لطلب تحقيق في الموضوع.
وكان الاتحاد قد ألّف لجنة خماسية لمتابعة الموضوع والتحقيق فيه، من الأعضاء: ريمون سمعان، موسى مكي، سمعان الدويهي، محمود الربعة ورفيق عرموني.
اللجنة تجتمع بالمبرة
وعقدت اللجنة جلستها الأولى أول من أمس بغياب ريمون سمعان بداعي السفر، واجتمعت بأطراف من نادي المبرة، وتحديداً الإداريين بسام شويكاني وحسين فضل الله (أمين السر) وحارس المرمى مهدي درويش. وأدلى الثلاثة بأقوالهم وقدموا شريطاً مسجلاً باعترافات الحارس درويش (يتضمن تفاصيل ما تعرّض له من عناصر أنصارية بالأسماء والأرقام والأماكن).
ومن المقرر أن تجتمع اللجنة اليوم الاثنين بأطراف من نادي الأنصار بينهم الأسماء المعنية بالرشوة المزعومة. وتولي اللجنة المكلّفة اهتماماً كبيراً بالقضية المطروحة لحساسيتها وأهميتها على الجميع، فالمبرة الشاكي يحرص على إحقاق الحق وتطهير اللعبة وحفظ العلاقة الجيدة بين الأندية، والأنصار ليدافع عن صورته وتاريخه وسمعته من هذه التهمة، والاتحاد ليثبت وجوده مرجعاً للعبة والأندية وحل مشاكلها وتبيان حقوقها وتنفيذ أنظمته.
ويبدو أيضاً أن القضية حركت خيوط اللعبة كلها، فنبشت و«فوّقت» مشاكل نائمة بين الأنصار وأطراف في الاتحاد، وشجعت أطرافاً أخرى تتربص بالاتحاد ذاته، وخصوصاً بأطراف فيه لاعتبارات «بايتة» حان قطافها.
وفي كل حال، يجد الاتحاد اللبناني نفسه، بعناصره المختلفة، المتوافقة، أمام مهمة صعبة وشائكة وحاسمة، قد تحدد فعلاً دوره ووجوده وحقيقة تآلفه بعد سنتين على ولايته، فيما تقف أندية الكرة بين متأهب ومتجاهل ومشغول، وتأخذ الوزارة علماً وخبراً بالمشكلة وتنتظر.
ويبقى دور الإعلام مراقباً وموزعاً بين الأصوات المربوطة، والحرة القليلة والحياد السلبي.
ماذا في التفاصيل؟
بعدما عرض المبرة، في مؤتمر صحافي الأربعاء الماضي، بيانه بإشارات تتهم عدداً من عناصر الأنصار، صدرت تعليقات أنصارية وتساؤلات:
لماذا نشر المبرة هذه القضية، وما هي نياته ومن خلفها، وهل معقول أن يشارك خمسة في رشوة، وهل هناك مَن استغل المبرة لغاية ضد الأنصار أو أطراف فيه، وهل هناك محاولة انقلاب داخلي في الأنصار، أو تشويه لسمعته أو مساره؟
تساؤلات وتخمينات أنصارية مشروعة، وردت في بيانات له وتصريحات لرئيس لجنته الإعلامية، وضاح الصادق، في مقابلات معه (طرح اسمه مرشحاً للأمانة العامة لاتحاد الكرة بديلاً من الأمين العام الحالي رهيف علامة). وهناك تساؤلات أخرى للبعض: لماذا تفعلها تلك «العناصر المتهمة» وفريق الأنصار قوي بذاته لا يحتاج إلى رشوة (فاز في ذهاب الدوري 3ـــــ0، وخسر إياباً 1ـــــ4)؟ وهل هي مبادرات فردية من «العناصر» لضمان لقب «الكأس» تعويضاً عن إهانات إدارية قاسية إثر خسارة الأنصار أمام الصفاء 2ـــــ4 في ختام الدوري، فجاء التتويج باهتاً، ما دفع بعض الأنصاريين إلى عدم الاحتفال كما يجب؟!
وفي جهة المبرة الشاكي: كيف يعرض شكواه واتهامه من دون أن يكون متأكداً من حصول «الرشوة»، ودون امتلاكه دلائل ووثائق؟
هذه مجرد تساؤلات مشروعة أولية تحتاج حتماً إلى تحقيق رسمي، وهذا ما ينتظره المعنيون والمهتمون من لجنة التحقيق الاتحادية المكلفة.
دور الاتحاد
استلمت لجنة التحقيق معطيات من نادي المبرة الشاكي (اعترافات، تسجيلات، أرقام، أسماء...) واستدعي «الحارس» والعناصر المتهمة وسيتواجهون.
وهنا تبرز ثقافة الاعتراف أو الإنكار على الطريقة اللبنانية الكروية.
ونتصور استشارة مسبقة لكل طرف لقانونيين في الموضوع، كما نتصور حصول هجومات مرتدة (على طريقة الهجوم خير وسيلة للدفاع)...
وهنا يبرز دور لجنة التحقيق وتجردها وجرأتها في استخلاص الحقائق وضبطها لوضع تقرير واضح ترفعه إلى «اللجنة العليا» لتبدأ مرحلة جديدة في تأكيد دور الاتحاد وفاعليته.
... وقضية الدوري!
ستدخل حتماً شرارة «تواطؤ الدوري» التي حركها نادي الريان (الذي سقط نتيجة هذا التواطؤ)، وسيطلب الاتحاد دلائل وإثباتات بعيداً من دلالات نتائج المباريات الموحية بتركيبها أو تنسيقها مباشرة أو بالتراضي.
فهل يملك الريان إثباتات، أم يتبرع أحد فجأة بالاعتراف لتأكيد تعليب النتائج؟
نتائج ـــــ وقرارات!
بعد التحقيق ووضع التقرير، يُفترض أن تصدر قرارات. وفي كل الأحوال يُفترض صدور عقوبات (بتأكيد الرشوة أو نفيها) وقد تطال إداريين ولاعبين وعناصر متورطة. وهنا تبرز تساؤلات جديدة:
مَن سيقرر العقوبات في اللجنة العليا وكيف؟ (نظام الاتحاد لا يحدد عقوبات مفصّلة في قضايا الرشوة أو الاتهامات بها).
وهل سيجرؤ الاتحاد فعلاً على فرض العقوبات، أم يسبب ذلك انقساماً أمام حائط العلاقات الخاصة؟
(في عام 2001، إثر حصول تواطؤ في تركيب نتائج، جمّد الاتحاد النتائج في اليوم التالي، 16 حزيران، وسحب لقب الدوري من التضامن صور في 23 حزيران، وأوقف شخصيات وإداريين ولاعبين وحوّل اللقب إلى النجمة ـــــ الثاني) وسقط الاتحاد بعدها إثر حملة جماعية طالبت برحيله، وتدخل فيها الاتحاد الآسيوي والفيفا.
وكان حينها رهيف علامة الأمين العام والدكتور نبيل الراعي رئيساً، واليوم يحصل هذا وعلامة هو الأمين وهاشم حيدر رئيس، فإلى أين ستصل المشكلة؟