سجل ألن ايفرسون 44 نقطة في سلة سياتل سوبرسونيكس في مباراةٍ عرض فيها مهاراته الفائقة، قبل ان يقف ممازحاً مدربه جورج كارل الذي ارتدى قميصاً كتب عليه الرقم 800، وهو عدد الانتصارات التي حققها في مسيرته مدرباً ضمن الدوري الاميركي الشمالي للمحترفين في كرة السلة.كل الامور تبدو طبيعية الى ابعد الحدود وعلى عكس التوقعات السلبية التي أفرزتها وسائل الاعلام الاميركية عندما قرّر ايفرسون الانضمام الى دنفر ناغتس آتياً من فيلادلفيا الذي اطلقه الى عالم النجومية قبل 11 عاماً. وعموماً حصل ايفرسون على ما أراده، وهو الامر نفسه الذي ينطبق على فريقه السابق فيلادلفيا الذي قرر التخلي عنه بقرارٍ مفاجئ. كما يمكن اعتبار أن دنفر حقق مبتغاه بضم عنصرٍ يمكنه اعطاء اضافة اخرى تنقل الفريق الى مرحلة أبعد، وتجعل منه “بعبعاً” للفرق المنافسة التي لطالما استهانت بقدراته، والدليل على ذلك ما حدث الموسم الماضي عندما سعى كل من لوس انجلس كليبرز وممفيس غريزليس الى تخسير نفسيهما عمداً لضرب موعدٍ مع دنفر في الادوار الإقصائية “البلاي أوف” معتبرين أن مواجهة فريق المدرب كارل ستكون اسهل من غيرها.
وعموماً، لا يمكن تجاهل اي من الاحتمالات المتوقع حدوثها بقوة، وخصوصاً أن الاداء الفردي لأيفرسون بدا جليّاً امام سياتل، الامر الذي قد يفرز مشكلةً حقيقية للفريق في المستقبل القريب، وعلى وجه التحديد لهداف البطولة الموقوف كارميلو انطوني الذي يرجّح ان تمثّل عودته بعد انتهاء عقوبة ايقافه 15 مباراة معضلةً قد تؤدي الى كسوف نجم احد اللاعبين الهدافين، الأمر الذي يدفع الى التساؤل اذا كان وجود ايفرسون في دنفر ناغتس نعمة أم نقمة؟
لا شك في أن قدوم “ذا أنسر” (الجواب) يمكن ان يسدّ ثغرة القطعة المفقودة في تركيبة دنفر ناغتس الذي اضحى يملك خماسياً مخيفاً عماده الى ايفرسون وأنطوني، البرازيلي نيني وماركوس كامبي وجاي آر سميث، لكن السؤال المطروح: الى من سيمنح المدرب كارل الضوء الاخضر للهيمنة على الكرة وإنهاء الهجمات، علماً بأن ايفرسون اخذ الامر على عاتقه في فيلادلفيا مقابل اضطلاع انطوني بالدور نفسه في دنفر؟ كما يطرح سؤال آخر عن الدور الهجومي الذي سيلعبه باقي اللاعبين إذا مُنح ايفرسون وأنطوني “اجازة” الانطلاق للهجوم منفردين، او إذا تمّ تفضيل احدهما على الآخر للعب دورٍ قيادي؟
لكن اذا اردنا النظر بإيجابية الى المعادلة سيبدو واضحاً أن دنفر سيؤمّن على الاقل 30 نقطة من احد نجميه في كل مباراة، بالعودة الى لغة الارقام التي تؤكد حجم المبادرات الهجومية الفردية التي ينفّذها ايفرسون وانطوني. واذا سارت الاوضاع في شكلٍ طبيعي فإن “تعاون” النجمين سيفضي الى 60 نقطة في كل مباراة، لكن يبقى على “ذا أنسر” المشاغب و“ميلو” السريع الغضب، القبول بأن احدهما سيكون المهيمن على الكرة في بعض الاوقات من دون ان يسقط هذا الشيء فرضية تناغمهما في شكلٍ مفيدٍ للمجموعة او تفهمهما أن التسديدة الاخيرة يمكن أن تكون من نصيب احدهما دون الآخر.
ويدرك المتابعون عن كثب لشخصية ايفرسون، ان طبيعة تصرفات الاخير ستكون عاملاً حاسماً في اعتبار الصفقة ناجحة او خاسرة بالنسبة الى دنفر، اذ يفترض أن يكون الجواب الشافي عند ايفرسون الاكثر خبرة من انطوني الشاب المتحمّس الذي يمضي موسمه الثاني فقط في الـ “أن بي آي”. لكن المشكلة الحقيقية تبقى في شخصية ايفرسون نفسها، وخصوصاً في وجود مدربٍ على غرار كارل الصارم الذي عرف دائماً بمشاداته مع اللاعبين النجوم الذين يتمتعون بشخصياتٍ “ثورية” تشبه تماماً ايفرسون. ومن هؤلاء اللاعبون السابقون في سياتل سوبرسونيكس شون كامب وغاري بايتون، وقد تعامل كارل مع اللاعبين “الاشقياء” بإبعادهم عن الفريق واستقدام بدلاء لهم، لكنه هذه المرّة استقدم بنفسه اكثر لاعبي “الشوارع” عناداً أي ايفرسون المعروف بطباعه السيئة!
لذا لا يستبعد دخول كارل في تجربة مريرة اخرى مع احد نجومه، اذ رغم تحقيق الاول افضل النتائج مع اصحاب الاسماء الرنانة، وجد نفسه في مواجهة معهم على غرار الحادثة الشهيرة مع بايتون في احدى المباريات عندما اتجه الاخير نحو مدربه حاملاً الكرة بيده وقائلاً: “لم لا تأخذ مكاني في الملعب وتؤدي الدور الدفاعي الذي تطلبه”، ردّاً على تعليمات كارل المتواصلة لبذل بايتون مجهوداً دفاعياً اكبر.
النقطة هنا أن كثيرين يراهنون على تصادم كارل وأيفرسون في وقتٍ سريع، وخصوصاً اذا نظرنا الى الاسباب الاولية التي دفعت فيلادلفيا الى الاستغناء عن “اكبر اللاعبين قيمة” سابقاً، ألا وهي تقاعسه خلال التمارين او تغيّبه عنها، وهو “الخط الاحمر” بالنسبة لكارل الذي يصرّ على حضور لاعبيه الى التمارين في الوقت المحدّد والتزامهم خلالها من دون تذمر او كسل. لكن في حكم المؤكد ان كارل وجماهير دنفر ناغتس سيجلسون مستمتعين بعروضٍ مثيرة مصدرها الوحيد شجاعة وحيوية وموهبة “ذا أنسر” القادر على ايجاد الجواب المناسب لكل مسألة عسيرة.
(أ ف ب)