حسن زين الدين
... ووصل قطار بطولة لبنان لكرة القدم إلى محطته الرابعة، بعد مشكلات وتجاذبات ورغبات ومناوشات بين أطراف عائلة اللعبة واتحادها. مباريات تشهد تحسناً بطيئاً لبعض الفرق حسب ظروف استعدادها، وتدور في ملاعب صامتة مجبرة حتى إشعار آخر ...

الجمهور روح الرياضة وعصب لعبة الكرة وفاكهة الملاعب، وللظروف أحكامها. لذا ارتأى اتحاد الكرة في لبنان إبعاده عن المدرجات كخطوة استباقية لإمكان انتقال عدوى الانقسام السياسي الى الملاعب. أمام هذه الوقائع، لا بد من استطلاع آراء الشارع الكروي وتبيان مواقفه إزاء واقع اللعبة وأحوالها.
ربيع (27 عاماً – الأنصار) لم يكترث كثيراً لقرار إقامة المباريات من دون جمهور، فهو أصلاً يفضل مشاهدة المباريات منذ ثلاث سنوات عبر التلفزيون ويتابعها في الصحف نظراً الى ظروف عمله، في حين أسف محمد (34 عاماً – النجمة) لما وصلت إليه حال كرتنا، واستذكر بحماسة شديدة عندما كان يجتمع مع الأصدقاء ويتوجهون شلة مختلفة الاتجاهات لمتابعة المباريات، متمنياً بأن تعود الحياة إلى مدرجات الملاعب. أما سامر (18عاماً – الصفاء) فرأى أن مباريات هذا الموسم أظهرت تفاوتاً في المستويات، عازياً السبب الى غياب الدعم المادي، ولم يخفِ رضاه عن نتائج فريقه حتى الآن.
جميل (23 عاماً) كان من الرواد الدائمين للملاعب “كرمى لعيون فريقه النجمة”، مشيراً إلى أن المعنيين تسرّعوا باتخاذ قرار منع الجماهير. “كان يجب استنفاد كافة الوسائل قبل اتخاذ القرار”، هذا ما أكده أيضاً أحمد (20 عاماً – الأنصار) قائلاً “كان بالإمكان إقامة المباريات بحضور الجمهور وأن تساهم كل رابطة بضبط جمهورها، القليل أصلاً، وإذا ما تعثرت الأمور، فيتم عندها حرمان الجماهير”، في حين جاء رأي طارق (25 عاماً – الأنصار) مخالفاً، إذ رأى أن القرار كان صائباً تماشياً مع وضع البلاد المشحون ريثما تهدأ الأوضاع. وأضاف ممازحاً “يا خيّي شو بعرّفك يمكن بعد هالمنع القسري يتشوّق الجمهور وربما يزداد عدده مستقبلاً”.
“قررت مقاطــــــــــعة الملاعب” هذا ما قاله أيمن (20 عاماً – النجمة) “أتابع مباريات النجمة على التلفزيون، والأوضاع الاقتصادية ما عادت تسمح”، في حين أن مصطفى (19 عاماً – العهد) يكتفي بمـــــــــتابعة النتائج عــــــــبر الصحف “لأنـــــــــي لازم أتابع واجبي الوطني بالمشاركة في الاعتصام”.
فؤاد (24 عاماً – الحكمة) “هلق بدي تابع الحكمة بكل الوسائل لأنها رجعت ورح روح عالملاعب لما تفتح الأبواب”، أما علي (31 عاماً) فقال “أنا أتابع الفوتبول، بلبنان عنّا مواهب لكن ما في دعم ولا مستوى، بفضّل الكرة الأوروبية لحماستها. وذهب ابراهيم (26 عاماً – نادي طرابلس) “أيّا فوتبول، مطلوب إصلاحات لكل الرياضة عنّا وضرورة استقلاليتها عن التجاذب السياسي”.
محمود، النجماوي العتيق الستيني تنهّد وقال “الفوتبول كان من زمان أيام النجمة بالسبعينات والراسينغ والمزرعة وفرق الأرمن، أيامها شفنا بيليه وفرق من أوروبا، وكان فيه حبيب كمونة وشبارو وأبو طالب وحاطوم وأبو مراد وطابللو...عفواً يعني هلّق مين فيه؟ ما عم روح عالملاعب”.
وأمام واقع اللعبة هذا بين الحرمان والانقسام والصمت، يخشى أن تفقد الجماهير اهتمامها وتفقد الملاعب جماهيرها أو ما تبقى منها، فتتحول اللعبة الى مجرد مباريات بلا روح ولا أحاسيس ولا رعاية فتخسر حماستها وفوائدها وتصبح عالة على“معيليها” وعندها لن تنفع سياسة ولا دراسة ولا كتاب ولا عتاب... فمن يحلل الداء ليصف الدواء؟