شربل كريّم
جاء وقع خبر اعتزال الالماني سيباستيان دايسلر لكرة القدم وهو في الـ 27 من عمره، مفاجئاً وصاعقاً بالنسبة الى الكرة الالمانية، وقد احتل مساحةً واسعة من عناوين الصحف في المانيا لكون اللاعب عُدّ أبرز موهبة انجبتها بلاد “البوندسليغه” على ابواب الالفية الجديدة.
لكن الامر اللافت اكثر في هذا الخبر الدرامي، أن بايرن ميونيخ المتعاقد مع دايسلر اعلن على لسان مديره اولي هونيس، أنه لن يفسخ عقد لاعبه المعتزل علّه افتقد يوماً الكرة وأراد العودة الى الملاعب! وفي هذه النقطة بادرة ايجابية غير مسبوقة من النادي البافاري الذي انتظر طويلاً ابلال دايسلر من اصابات متلاحقة وانهيارات عصبية، مرافقاً اياه بثبات طوال فترة علاجه. وبالعودة الى الذاكرة، نجد تشابهاً بين قصة دايسلر وتلك التي عاشها الهداف الهولندي ماركو فان باستن مع ناديه ميلان الايطالي، اذ صبر الأخير فترة طويلة ايضاً في انتظار عودة لم تتحقق لنجمه رغم وفرة العلاجات التي أخضع لها قبل أن يعتزل في سنٍّ مبكرة الى حدٍّ ما (29 عاماً).
المقصود من عرض هاتين الحالتين هو عرض الفكر الاحترافي الصرف الذي تتعامل به النوادي مع لاعبيها، مقابل المعاناة التي تزيد من آلام اصابات لاعبينا المحليين الذين واجه بعضهم “النفي” عند خروجهم من بين ايدي الجراحين. رفض البايرن انهاء عقد دايسلر المعتزل، بينما تتجه بعض نوادينا الى حسم او تجميد راتب اللاعب المصاب طوال فترة ابتعاده عن الملاعب، والأنكى أن البعض عانى المعضلة عينها بمجرد موافقته على الالتحاق بأحد المنتخبات الوطنية!
من هنا، ينتفي السؤال عما تسميه النوادي المحلية “جشع” اللاعبين النجوم وسعيهم لعقودٍ بأجورٍ مرتفعة، فالحق مع هؤلاء من دون أيّ شك، وخصوصاً انهم اتعظوا من تجارب نجوم سابقين وجد بعضهم مستقبله في صحراء العدم او من دون مبالغة على ارصفة الطرقات.
نعم، مقارنة ما يحصل في الكرة الاوروبية مع واقع كرتنا غير منطقية، لكن قصة دايسلر درسٌ يجب تعلّمه في رحلة البحث عن الهوية الكروية الاحترافية المفقودة.