أن يحسم يوفنتوس لقب الدوري الإيطالي لكرة القدم قبل 4 مراحل على انتهاء الموسم بعد فوزه على سمبدوريا 1-0 وبفارق 15 نقطة (حتى المرحلة 34) عن أقرب ملاحقيه روما، فهذا تأكيد لاستحقاقه هذا اللقب الـ31 في تاريخه (رقم قياسي) دون أدنى شك.لكن ما يجدر قوله في البداية أن هذا اللقب ما كان ليتحقق بهذه السهولة، أو ربما من الأساس، لو كانت الكرة الإيطالية بعافية وبخير كما كانت الحال في أيامها الخوالي. صحيح أن «اليوفي» يمتلك توليفة مميزة من اللاعبين، لكن ما هو صحيح أكثر أن الفرق الأخرى سهّلت له المهمة للوقوف على منصة التتويج للعام الرابع على التوالي، وتحديداً الكبيرين ميلان وإنتر ميلانو اللذين كانا يشكلان مع «البيانكونيري» القوّة الضاربة في كرة «الكالتشيو»، ما كان يجعل البطولة الإيطالية في مسار تنافسي آخر، ومن الأجمل في كرة أوروبا.

في حقيقة الأمر ومنذ انطلاق الموسم، كان واضحاً، انطلاقاً من عدد النجوم والإمكانات، أن يوفنتوس في كفة وباقي فرق إيطاليا في كفّة أخرى، ويقيناً لولا قطبي العاصمة: روما رغم تراجعه و»المفاجأة السارة» لاتسيو لكان «لا فيكيا سينيورا» أو «السيدة العجوز»، كما يُلقب يوفنتوس، حسم اللقب منذ جولات سابقة وبفارق تخطى العشرين نقطة.
على أي الأحوال، ما يمكن أن يؤكد أن غياب المنافسة الفعلية من الفرق الكبرى وتحديداً ميلان وإنتر ميلانو جعل مهمة يوفنتوس أكثر سهولة، هي الخسارات الثلاث التي تعرض لها الأخير حتى هذه الجولة التي توّج فيها بطلاً، إذ صدّقوا أنها جاءت أمام فرق جنوى (رغم تطور أدائه) وبارما المفلس والهابط حسابياً إلى الدرجة الثانية، والجار تورينو للمرة الأولى منذ 20 عاماً، فضلاً عن 7 تعادلات وعدد غير مقنع من الانتصارات.
هذه المحصلة، مضافاً إليها النتائج المتفاوتة في دوري أبطال أوروبا بين الانطلاقة الكارثية بالخسارة من أتلتيكو مدريد الإسباني وأولمبياكوس اليوناني في دور المجموعات حيث انتظر الفريق الجولة الأخيرة أمام «الروخيبلانكوس» ليضمن تأهله إلى دور الـ 16 وهنا أيضاً فاز ذهاباً بصعوبة على ملعبه على بوروسيا دورتموند الألماني 2-1 وبسهولة 3-0 خارجه إياباً، وبعد ذلك المعاناة الكبرى في ربع النهائي أمام موناكو الفرنسي (فاز 1-0 ذهاباً في تورينو بركلة جزاء مشكوك في صحتها، وتعادل 0-0 إياباً) فضلاً، على سبيل المثال، عن خسارته كأس السوبر الإيطالي أمام نابولي، والهزيمة على ملعبه أمام فيورنتينا 1-2 في ذهاب نصف نهائي كأس إيطاليا ومن ثم الفوز القوي على ملعب منافسه 3-0 إياباً والتأهل للنهائي لملاقاة لاتسيو، فإن كل هذه الصورة توضح، لا بل تؤكد، أن هذا «اليوفي» محيّر هذا الموسم: فحيناً يظهر بوجه قويّ وفي آخر بوجه عاديّ، وحيناً يبدو مقنعاً وفي آخر عكس ذلك تماماً.
فلنبقَ في المظهر القويّ ليوفنتوس الذي يتأتى أولاً من البصمة التي تركها المدرب الجديد ماسيميليانو ألليغري، الذي لا شك يستحق الإشادة في موسمه الأول مع الفريق خصوصاً لخلافته اسماً مثل أنطونيو كونتي بألقابه الثلاثة، وتحديداً بعد إبعاده عن ميلان، ما أثار شكوكاً وانتقادات لقدراته التدريبية، حيث قدّم وجهاً مختلفاً لـ»اليوفي» بخطة 4-3-1-2 تعتمد الاتزان بين الدفاع والهجوم القوي على عكس صبغة الفريق الدفاعية البحتة في عهد كونتي، وقد عرف كيف يُخرج الفريق من المآزق تحديداً في دوري الأبطال ليعيده إلى المربع الذهبي للمرة الأولى منذ عام 2003، وهذا نجاح يصبّ بالتأكيد أولاً في مصلحة المدرب الإيطالي الذي يُحسب له أيضاً تقديمه وجوهاً شابة كان رهانه عليها صائباً مثل الإسباني ألفارو موراتا والأرجنتيني روبرتو بيريرا.
المظهر القويّ ليوفنتوس بدا واضحاً أنه يتوقّف على أربعة لاعبين تحديداً، فضلاً طبعاً عن الحارس التاريخي جيانلويجي بوفون، يشكلون خطاً متسلسلاً بدءاً من المدافع الصلب ليوناردو بونوتشي إلى «المايسترو» أندريا بيرلو وصولاً للموهوب الفرنسي بول بوغبا وانتهاء بالمهاجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز متصدر لائحة هدافي «السيري أ» بـ 20 هدفاً والذي لعبت أهدافه دوراً بارزاً في الكثير من المحطات.
هكذا إذاً، بقي كأس البطولة الإيطالية، كما كان متوقعاً، في جيب يوفنتوس. الأنظار كلها الآن على مواجهة ريـال مدريد الإسباني في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. حسْم اللقب المحلي يترك انطباعاً مريحاً طبعاً في نفوس لاعبي «اليوفي»، لكن يبقى قبلاً أن يقدّم الفريق وجهه القويّ بوجود رباعيه المذكور تحديداً. عندها، فقط، يمكن القول إن مدريد في خطر حقيقيّ.