إلى جانب قرارها المستجد زيارة السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وما حمله من دلالات على صعيد التحول في الموقف الأميركي من أولوية الملف الفلسطيني في زحمة ملفات المنطقة، أتت تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، القدس المحتلة أمس لتؤكد هذا التحول، وتعكس اهتماماً، بدا أنه سيحتل على الأرجح مكانة أكثر تقدماً في المستقبل القريب، بإعادة إطلاق العملية السياسية على المسار الفلسطيني ضمن رؤية أميركية جديدة يمكن استشراف معالمها من المواقف الإسرائيلية غير المألوفة، وآخرها، بعد الموافقة على وقف النار مع حركات المقاومة الفلسطينية، إبداء الإصرار على ضبط النفس حيال ما تراه الدولة العبرية خروقاً للتهدئة المعلنة.فقد افتتحت رايس زيارتها لإسرائيل، التي تقررت قبل يومين فقط، بإغداق الثناء على خطاب رئيس الوزراء إيهود أولمرت، الذي ألقاه مطلع الأسبوع في «سديه بوكر»، وأعرب فيه عن استعداده للإقدام على خطوات سياسية بعيدة المدى مع الفلسطينيين. ورأت رايس، قبيل لقائها أولمرت في مقر رئاسة الوزراء الإسرائيلية في القدس المحتلة أمس، أن الخطاب «خطوة من شأنها أن تساهم في التهدئة ودفع عملية السلام قدماً في المنطقة».
ووضعت رايس مضيفها، الذي لم تتجاوز مدة الاجتماع معه نصف ساعة، في صورة محادثاتها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيما أطلعها أولمرت على مضمون المداولات التي أجراها مع رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أول من أمس، وتناولت وقف إطلاق النار في غزة وجهود إطلاق الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط.
كما ركزت المحادثات بين الجانبين، حسبما أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية، على الملف النووي الإيراني، من دون أن ترشح أية تفاصيل عن ذلك.
وشارك في اللقاء من الجانب الإسرائيلي، مدير مكتب أولمرت يورام طوربوفيتش، وسكرتيره العسكري غادي شومين، ومستشاراه شالوم ترجمان وآسي شاريب. ومن الجانب الأميركي، شارك سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، ديك جونس، وديفيد ولش وإليوت ابرامز من وزارة الخارجية.
واجتمعت رايس في زيارتها السابعة إلى إسرائيل خلال العامين الماضيين، بوزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، التي شكرت لضيفتها سياستها التي «تؤمن بالعمل ضد الإرهاب من جهة وبتعزيز المعتدلين وفتح أفق سياسي أمامهم من جهة أخرى».
أما رايس، فأشادت أمام ليفني، بضبط النفس الذي تمارسه الحكومة الإسرائيلية إزاء تواصل إطلاق صواريخ «القسام». وقالت «إني أقدّر تصريحات الحكومة الإسرائيلية التي ستحافظ بحسبها على ضبط النفس في ما يتعلق بوقف النار. علينا العمل من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وتوسيعه». وأوضحت أن محادثاتها مع ليفني ستشمل بحث سبل التقدم نحو حل الدولتين.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية، أن رايس سعت خلال جولة المحادثات التي أجرتها مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين التقتهم، إلى الحصول على خطط وتقديرات تتعلق باستمرار الحوار الذي يعزز وقف النار ويسمح بفتح مفاوضات بين إسرائيل وحكومة الوحدة الفلسطينية العتيدة. وبحسب هذه التقارير، فإن أولمرت يأمل أن تشجع زيارة رايس محمود عباس على زيادة جهوده لتأليف «حكومة فلسطينية جديدة ترتكز على تكنوقراط، وتكون مستعدة لقبول خريطة الطريق خطة سياسية».
ورأت التقارير أنه رغم زيارة رايس التي تقررت فجأة «في ضوء خطاب أولمرت ووقف إطلاق النار»، فإن الإدارة الأميركية لا تعتزم قيادة جهود وساطة بين الجانبين في هذه المرحلة. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» على الإنترنت عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله «ينبغي للقضية الإسرائيلية الفلسطينية أن تنضج أكثر، قبل أن يصبح تدخل أميركي إضافي أمراً مطلوباً». وأضاف المصدر «في الوقت الراهن، سيواصل المصريون وساطتهم من أجل استكمال المخطط المؤلف من أربع مراحل: وقف النار، تأليف حكومة وحدة فلسطينية تعترف بها إسرائيل والمجتمع الدولي، إطلاق شاليط وأسرى فلسطينيين، وفقط بعد ذلك الشروع باستئناف حوار سياسي يكون للأميركيين دور فيه».
(الأخبار)