شربل كريم
تفاجأت نوعاً ما عندما سمعت الصديق الألماني هولغر روف يقول إنه لا يشعر تماماً بالفخر لأنه ألماني الجنسية، وذلك تعليقاً منه على أحداث فيلم “ذا بيانيست” الذي يسرد واقع الاضطهاد العنصري النازي للبولونيين. ربما قلّة هم الألمان الذين يرددون هذه المقولة بسبب طبيعتهم المفاخرة، كما ان قولاً مماثلاً قد يثير استغراب الكثيرين وخصوصاً للمدركين منهم سعي آلاف الأشخاص سنوياً للاستقرار في ألمانيا بغية الحصول على الجنسية المحلية التي لا شك في أنها تعلي شأن حاملها.
لكن لا يمكن تجاهل ان قول الصديق يصب في خانة نظرة المانيا الى العالم في العصر الحديث، والتي ترفض التفرقة العنصرية وسط “استيطان” ملايين الأجانب على أراضيها. وفي الوقت الذي استشرت فيه العنصرية في ملاعب كرة القدم الأوروبية الموسم الماضي، بقيت ألمانيا خاليةً منها من دون تسجيل أي حادثة تذكر، ما أثلج صدور منظمي مونديال 2006 الذي مرّ على خير أيضاً.
إلا أن الامور اتخذت منحى مغايراً مع انطلاق الموسم الجديد، اذ تسرّب “فيروس” العنصرية الى ملاعب “البوندسليغه” مسقطاً آمال مناهضي هذه الآفة منذ زمن بعيد، مثل المهاتما غاندي ونيلسون مانديلا الذي دفع ثمناً غالياً في مسيرة نضاله الطويلة ضد التفرقة. ويبدو جليّاً للمرة الأولى أن القضية يمكن أن تؤثر سلباً من الناحية الفنية إثر مجاهرة الدولي جيرالد اسامواه بنيّته اعتزال اللعب دولياً إذا واصلت جماهير النوادي المنافسة لفريقه شالكه التعرّض له على خلفية سمرته التي اكتسبها من والديه الغانيين. وإذ لا يمكن اعتبار أن ابتعاد لاعب واحد سينعكس حتماً سلباً على المستوى الكروي الألماني، فإن القيّمين على الاتحاد المحلي يخشون أن ينسحب هذا الأمر على اللاعبين السمر الذين أضحت تعجّ بهم المنتخبات الوطنية المختلفة، امثال دافيد اودونكور وباتريك اوفومويلا وناندو رافايل وكيفن بواتنغ وسيدريك ماكيادي، وهؤلاء يعتبرون عماد منتخب المستقبل الألماني.
“كرة القدم لغة عالمية” شعار الرئيس السابق “للفيفا” جواو هافيلانج بحاجة الى التلويح به في ألمانيا اليوم لإبعاد اللعبة عن الآفات المسيئة، بصفتها المرآة التي تعكس الوجه الحضاري للشعوب والبلدان الممارسة لها.