شربل كريّم
توقّع كثيرون أن تكون خسارة ريال مدريد الاسباني امام ليون الفرنسي في دوري الابطال الاوروبي، للموسم الثاني على التوالي، حديث متابعي كرة القدم حول العالم للايام القليلة المقبلة على الاقل، لكن الارجنتيني خوان رومان ريكيلمي فرض نفسه من زاوية مختلفة معلناً اعتزاله دولياً فجأة، ليجذب التساؤلات نحوه التي فاقت أسباب السقطة المؤلمة لفريق العاصمة الاسبانية.
ادارة لاعب دولي ظهره لمنتخب بلاده لا تعدّ ظاهرة غير مسبوقة، لكن ما أقدم عليه ريكيلمي يستحق التوقف عنده لأسباب عدة، فهذا اللاعب يمثل صورة لاعبي اميركا الجنوبية الذين يتولون مركز صناعة الالعاب بكل ما للكلمة من معنى، وجاء اعتزاله ليقضي على متعة الجماهير في متابعة واحد من سلالة التقنيين المبدعين الذين أضحوا في طور الانقراض بعد القرار المحزن لأكثر ابناء ذريتهم موهبة في العقد الاخير.
صحيح أن ريكيلمي سيبقى لسنوات اخرى يصول في البطولات الخاصة بالنوادي، لكن الساحة العالمية ستفتقده، اذ لطالما انتظرت نجوماً من طينته لإضفاء اهمية على بطولاتها. ولا يمكن احداً نسيان اصرار “الاسطورة” دييغو ارماندو مارادونا على أن مواطنه هو افضل لاعب في العالم في الاعوام الاخيرة، وهذا ما منحه الحق الشرعي بارتداء القميص الرقم 10 في مونديال المانيا 2006، ورأى فيه الارجنتينيون اكثر من يستحق حمل هذه المسؤولية التي اراد الاتحاد المحلي سحبها من التداول تقديراً لإبداعات مارادونا، الذي سار على خطاه، اذ بدأ مسيرته مع ارجنتينوس جونيورز قبل انتقاله الى بوكا جونيورز ومنه الى برشلونة الاسباني الذي لعب له مارادونا ايضاً، الى تألقه على غرار ملهمه مع منتخبات الفئات العمرية وصولاً الى المنتخب الاول حيث اصبح همّ المدربين المتعاقبين بناء تشكيلة فريقهم من حوله. اما النقطة الأهم التي تفوق المعاني الكروية، فهي الجانب الانساني الذي دفع “المايسترو” الى رمي القميص الـ “بيانكو تشيليستي” وراءه، اذ رفض معاناة أمه من الانتقادات التي طاولته أخيراً بسبب مستواه المتذبذب مع منتخب بلاده، فكان قراره “أم القرارات” تاركاً الوسط الارجنتيني يتيماً في انتظار تبنّيه نجماً جديداً من منتجات بلاد “التانغو”، وما أكثرها.