انخفض مستوى الاحتقان على جميع المستويات ومن ناحية كل الأطراف بعد مرور أسبوعٍ على قمة النجمة والعهد التي حفلت بالسلبيات وتركت قلقاً كبيراً على أوضاع كرة القدم اللبنانية. هذا القلق قد يُختصر بالنسبة الى شريحة كبيرة من محبي اللعبة بإقرار منع حضور الجمهور للمباريات في مرحلة الإياب من بطولة الدوري اللبناني. وعندما نقول الجمهور، يتبادر الى الأذهان جمهور النجمة قبل أي أحدٍ آخر، وهو الذي يمثّل القسم الأكبر من متابعي اللعبة من المدرجات، والذي لطالما قيل إنه من دونه لن يكون للمباريات أي طعم خاص، باعتراف العدو قبل الصديق.
ولا يخفى أبداً أن عقوبات ستطال جمهور النجمة على خلفية ما قامت به قلّة فقدت السيطرة على نفسها بشكلٍ غير متوقع خلال المباراة أمام العهد. لكن شكل العقوبات التي من المفترض أن تخرج الى العلن بعد استكمال لجنة تحقيق الاتحاد اللبناني ملفها، هو الأمر المقلق، وخصوصاً أنه ورغم كل ما حصل لا يتمنى أحد رؤية المدرجات خالية من أولئك الرواد الذين دأبوا على تجميل بشاعة اللعبة في بعض الأحيان، وعلى تعويض المستوى الفني المتواضع في أحيانٍ أخرى، عبر رسم لوحة نبيذية تعكس الصورة الأحلى في دوري عرف صعوبات عدة طوال المواسم القريبة الماضية، وعلى رأسها إقامة الكثير من المباريات أمام مدرجات هجرها المشجعون لأسبابٍ باتت معروفة.
لطالما كانت اللوحة الجماهيرية النبيذية الصورة الأحلى في الدوري اللبناني

ورغم الضغط الكبير الموضوع على نادي النجمة حالياً، ورغم توجيه الكل أصابع الاتهام الى جمهوره، عرف "النبيذي" في الأيام التي تلت المباراة المشكلة، كيفية العمل على التقليل من حجم الخسائر قدر المستطاع، والاستفادة من التجربة المريرة في المرداشية وتحويلها الى مرحلة مثمرة لا يعكس فيها جمهور النادي سوى الصورة الطيّبة التي أكسبته لقب "شعب النجمة العظيم".
الخطوات الإيجابية باتجاه معالجة المشكلات كانت كثيرة وسريعة، وهي انطلقت من الاجتماعات المفتوحة والمتواصلة كإدارة وجمهور، والتي كانت أولى بوادرها التواصل مع رئيس نادي السلام زغرتا الأب اسطفان فرنجية بهدف زيارة الملعب ومعاينة الأضرار من خلال فنيين سيرافقون الوفد النجماوي، وذلك بهدف إصلاح ما تضرر بأسرع وقتٍ ممكن. وهذه الزيارة متوقّع أن تحصل مطلع الأسبوع المقبل.
زيارة "سلام" أرادها النجماويون لتترافق مع واحدة أخرى باتجاه الاتحاد اللبناني ولجنة التحقيق بحسب نائب رئيس نادي النجمة صلاح عسيران، الذي قال في حديثٍ مع "الأخبار": "نحن مصرّون على لقاء الجميع في الاتحاد من رئيس وأمين عام ورئيس لجنة الملاعب وكل من لديهم أي ارتباط بشكلٍ أو بآخر القضية، وذلك من خلال إصرارنا على الاستماع الى كل من له علاقة بالقضية قبل إصدار الأحكام".
خطوة ذكية من دون شك من قبل النجمة الذي يريد توضيح الصورة عبر التصويب والإصرار على أن من غير الصحيح القول إن جمهوره برمّته يتسبّب بأذى للعبة في وقتٍ كان فيه دائماً فاكهتها. وهذه النقطة يوافق عليها عسيران بقوله: "من السهل اتهام كل جمهور النجمة، والأسهل إبعاد هذا الجمهور عن الملاعب، وهو أمر لا نقبل به لأننا نرفض تحويل كرة القدم اللبنانية الى حفلة من دون زينة".
ومما لا شك فيه أن في كلام نائب رئيس النجمة الكثير من المنطق لأن إبعاد الجمهور حتى نهاية الدوري مثلاً سيكون بمثابة موت اللعبة، وهو أمر ترفضه ضمناً عدة أندية لأنه سيضرّ بها أيضاً وهي التي تعاني بغالبيتها الساحقة لإيجاد الداعمين والممولين الذين سيهربون لا محالة.
لكن الأكيد أيضاً أن النجمة بحاجة الى آلية لضبط أي وضع خارج عن السيطرة، وهي أمور بدأت بالفعل ضمن سلسلة الخطوات الإيجابية التي أطلقها النادي المتفهم، بحسب عسيران، خيبة الوسط الكروي والجسم الإعلامي مما حصل "لكننا نستطيع أخذ إجراءات بحسب قدرتنا ونطلب اليوم أن تكون الظروف التي تحيط بالمباريات مثالية ولا تشوبها شائبة، من أمن وتحكيم وتنظيم وغيرها لأن هذه الجوانب في حال لم تكن مؤمنة فهي تخلق توتراً في الملعب ينعكس على المدرجات، فيحصل ما هو غير مقبول".
تحرّكٌ أيضاً كان عبر الصفحات التي تحمل اسم النجمة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كانت قد تحوّلت الى ساحات مسيئة لاسم النادي، فتم حذف آلاف الأشخاص منها. وهذا الأمر ترافق مع وضع معايير دقيقة جداً ستطبق لدخول المشجعين الى الملاعب في الفترة المقبلة بحسب مسؤول العلاقات العامة في النادي هيثم التنير، الذي قال إن هذه الخطوة ستتخذها الإدارة انطلاقاً من معلومات أشارت بوضوح الى أن مفتعلي المشاكل لم يتعرّف عليهم أحد من أعضاء الرابطة "وبالتالي هم أشخاص يحضرون ربما في مباريات حساسة ويؤثرون في طريقة تصرفات بقية المشجعين، وهو أمر لا نقبله". وأضاف: "سيصار الى إصدار بطاقات للمشجعين بعد تعبئتهم استمارات تتضمن تفاصيل شخصية عنهم وعناوينهم، ولا يستطيع أي أحد الدخول الى المدرجات المخصصة للنجمة من دون أن يكون معه بطاقته النجماوية حتى لو كان قد اشترى تذكرة المباراة". وختم: "هنا يمكنك أن تحدد المتسببين بالمشاكل في حال حصلت وسحب بطاقاتهم منهم، وبالتالي سيحرمون من دخول المدرجات النبيذية مجدداً".
خطوةٌ ممتازة جديدة تعكس فعلاً سعي إدارة النجمة الى إيجاد الحلول السريعة والشافية، وخصوصاً أن النادي يدفع ثمن ما يرتكبه حوالى 20 شخصاً لا أكثر من مخالفات في لحظة تخلّ، في الوقت الذي يُقدّر فيه جمهوره الكبير بالآلاف على امتداد مساحة الوطن.