لم يمضِ وقت طويل على حسم برشلونة معركة الدوري الاسباني لكرة القدم على حساب عدوه الأزلي ريال مدريد حتى خرج مدرب الاخير الفرنسي زين الدين زيدان ليعترف بأن اللقب ذهب الى الفريق الافضل. اعتراف واضح وصريح تجاه فريقٍ بسط سيطرته المطلقة منذ المراحل الاولى للدوري وبقي حتى وصول زيدان يتسلى بخصومه في "الليغا" وبينهم ريال مدريد، الذي لقي خسارة نكراء على ملعبه في "سانتياغو برنابيو" برباعية.اما لماذا استحقها برشلونة، فهنا الكلام؟
برشلونة استحقها لانه برغم كل الظروف الصعبة التي عاشها قبل بداية الموسم عرف كيفية ايجاد التوازن في تشكيلته المنقوصة، اذ لا يمكن نسيان ان "البرسا" عاش فترة لم يكن اي فريق ليخرج منها سالماً، وذلك عندما منعه الاتحاد الدولي للعبة من اجراء اي تعاقدات بسبب مخالفته لوائح التعاقد مع اللاعبين الصغار.
استحقها برشلونة لانه امتلك ما لم تملكه الفرق الاخرى

وهذه المسألة لم تمنع "البلاوغرانا" من السير قدماً والبقاء من دون اي هزيمة لـ 39 مباراة متتالية، وهي المرحلة التي بنى عليها أسس لقبه الجديد، ولو انه تأثر بسبب هذه العقوبة في المراحل الاخيرة من الموسم عندما ضربه التعب ثم الارهاق فخسر من الريال في "كامب نو" وسقط امام ريال سوسييداد وفالنسيا ليقترب الفريق الملكي وجاره اتلتيكو مدريد منه من دون ان تسقط تلك القناعة عند الاكثرية بأن اللقب سيبقى في نهاية المطاف في خزائن "البرسا".
هذه القناعة بقيت راسخة برغم الخروج امام "الأتليتي" من دوري ابطال اوروبا، والسبب ان برشلونة كان قد كشف عن نوعيته الرفيعة لمراحل طويلة، وبدا قادراً في اي وقتٍ من الاوقات على العودة الى السكة الصحيحة. وهذا ما حصل بعدما التقط الثلاثي الرائع انفاسه من جديد وعاد ليعزف اجمل الالحان على المستطيل الاخضر.
الارجنتيني ليونيل ميسي، البرازيلي نيمار، والاوروغوياني لويس سواريز هم تلك القناعة بحدّ ذاتها، اذ انهم ابهروا بأدائهم الفردي والجماعي الخالي من الانانية تجاه بعضهم بعضا، كل من تابع مباريات برشلونة. والدليل يمكن لمسه من الهدف الثالث الذي سجله "البرسا" في مرمى غرناطة، عندما مرر ميسي كرة بينية الى نيمار الذي انفرد تماماً بحارس المرمى، لكنه بدلاً من هزّ الشباك لعبها الى سواريز الذي سجل بسهولة هدفه الرقم 40 ليكون "البيتشيتسي" (الهداف) الجميل متفوّقاً على نجم الريال البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي خرج من دون اللقبين.
وعند سواريز يستكمل الحديث، اذ ان "البرسا" استحق البطولة لانه امتلك لاعباً مثله في صفوفه. وهذا هو الفارق الذي فصل بينه وبين ريال مدريد، اذ ان الرقم 9 في برشلونة لا يشبه الرقم 9 (الفرنسي كريم بنزيما) الموجود في الريال بأي شيء.
سواريز كان اللاعب الذي ينهي عمل المنظومة كلها من دون اي خطأ. هو يركض، يدافع قبل ان يهاجم، يمرر الكرات الحاسمة، والاهم يسجل الاهداف من انصاف الفرص. هو القطعة التي اكملت "البازل" بصورة مثالية، والتوأم البيولوجي كروياً لميسي ونيمار اللذين اثبتا انهما نجمان كبيران لا يتأثران بكل الضرب الذي يتعرضان له، ولم تؤثر النجومية على حبهما لروح الجماعة، فأضاف كلٌّ منهما الكثير الى تلك النجومية التي صنعها سواريز في هولندا مع اياكس امستردام، وفي انكلترا مع ليفربول.
برشلونة استحقها ايضاً لانه امتلك مدرباً ذكياً هو لويس إنريكه، الذي عرف كيفية تدوير كل لاعبيه حتى في ظل اصابة مفاتيح مهمة في صفوفه. ففي موسمٍ طويل وفقدانه بدلاء في مراكز عدة، عمل إنريكه على اخراج مواهب لم يكن يدركها البعض انها موجودة فيه، امثال تحويله سيرجي روبرتو الى مركز الظهير الايمن مثلاً.
ويكفي ان الرجل عرف كيفية التعامل مع ابتعاد ميسي لفترة غير قصيرة بسبب الاصابة محافظاً على مستوى فريقه، ليؤكد جدارته بأنه يستحق تدريب فريقٍ مثل "البرسا". فريقٌ وببعض اللمسات القليلة في التعاقدات من إنريكه لن يكون مستغرباً ان يكرر المشهد الاحتفالي نفسه في الموسم المقبل.