فعلها ريال مدريد وعاد بالكأس الحادية عشرة في دوري أبطال أوروبا من ميلانو الإيطالية إلى ملعب "سانتياغو برنابيو". باتت خزائن الملكي لا تتسع لكمّ الحكايات التي كتبها النادي في مشاركاته في هذه البطولة، وآخرها في نهائي "سان سيرو" عندما كرر فوزه على جاره اللدود أتلتيكو مدريد بعد ذلك النهائي في لشبونة البرتغالية قبل عامين.مرة جديدة يقهر الملكي غريمه ويمنعه من تذوق طعم الفوز باللقب، وهذه المرة على نحو لا يقل مرارة بركلات الترجيح 5-3 بعد هدف التعادل القاتل في الوقت بدل الضائع لسيرجيو راموس عام 2014.
إذاً الملكي زعيم على أوروبا وملكها الذي استعاد التاج المذهّب ليحكم به مجدداً أندية "القارة العجوز" ويغرّد بعيداً عن البقية بـ 11 لقباً في البطولة الأهم والأغلى.
هذه المرة ابتسمت الكرة للملكي عبر ركلات الترجيح، وقست ـ في المقابل ـ على فريق مجتهد مثل أتلتيكو الذي كان يستحق حمل الكأس عن جدارة، فماذا قدّم لنا نهائي ميلانو الكبير ليلة أول من أمس؟
بصورة عامة، جاءت المباراة تكتيكية بامتياز، وغلب فيها الحرص على الكرة الجميلة. التشويق طبعاً لم يغب، وهذا طبيعي في مثل هذه المناسبات، خصوصاً أن اللقاء وصل إلى ركلات الترجيح التي تكفي وحدها لحبس الأنفاس، وهذا ما فعلته.
لكن لماذا ابتسمت الكرة في النهاية للريال وقست على أتلتيكو؟
سيذكر التاريخ أن الريال توّج باللقب وسينسى عطاء أتلتيكو طوال البطولة

ما بدا واضحاً واتفق عليه كثيرون بعد المباراة أن الملكي كان عادياً أول من أمس، وخصوصاً أن بعض نجومه لم يكونوا في مستواهم، والحديث بالتحديد هنا عن البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما، إذ باستثناء الأفضلية في الشوط الأول، ومردّها إلى سيطرته على "منطقة العمليات" في وسط الملعب، وهذا ما ترجم إلى هدف سريع منذ الدقيقة 15 عبر القائد راموس أو "كابوس أتلتيكو"، فإن الملكي لم يستفد من السيناريو المثالي المتمثل بالتقدم المبكر وتعطيل خطة أتلتيكو التي تُعَدّ سمة قوته عبر التمركز الدفاعي والضغط العالي والهجمات المرتدة، والإجهاز عليه، بل على العكس فإنه تراجع إلى الخلف وترك منافسه يصنع اللعب. ورغم أن الملكي تأثر بخروج داني كارفاخال ودخول "الضعيف" البرازيلي دانيلو، فإن الأمور خرجت نوعاً ما من يدَي الفرنسي زين الدين زيدان، خصوصاً بارتكابه خطأ إخراج الألماني طوني كروس، ضابط الإيقاع في الوسط، وإدخال إيسكو ليفقد الريال نقطة قوته بالسيطرة على وسط الملعب لمصلحة خصمه، لكن هذا لا يمنع من أن "زيزو" كان "عريس" ميلانو وبطل النهائي الأول، وهذا مردّه إلى محصلته كلها منذ خمسة أشهر عندما تسلم فريقاً منهكاً ومفككاً من سلفه رافايل بينيتيز، وأوصله إلى الريادة الأوروبية، وكاد يفعل ذلك على المستوى المحلي لولا الاستفاقة المتأخرة لبرشلونة.
أما من جهة أتلتيكو، فإن الكرة لم تنصفه مجدداً بعد نهائي 2014، وهذه المرة بصورة أقسى، إذ إن فريقاً مجتهداً ومعطاءً تمكن من إطاحة برشلونة وبايرن ميونيخ، والأهم أنه تأخر بهدف في الشوط الأول في النهائي أمام فريق كبير آخر، وأكثر فإنه أضاع ركلة جزاء في بداية الشوط الثاني عبر الفرنسي أنطوان غريزمان كفيلة بأن تهد المعنويات ثم يتمكن من التغلب على كل ذلك ويدرك التعادل في الدقيقة 79 عبر البلجيكي يانيك كاراسكو - الذي أصاب الأرجنتيني دييغو سيميوني بإدخاله وقلب المباراة رأساً على عقب - ويذهب لركلات الترجيح، فإنه بالتأكيد يستحق أكثر من المركز الثاني المبلل بدموع الحرقة.
لكن ما يمكن قوله في النهاية أن كل هذه التفاصيل لن يعيرها التاريخ أهمية، بل سيذكر أن ريال مدريد قدم إلى ميلانو وعاد منها بكأسه الحادية عشرة، وأن العرق الكثير الذي بذله "الروخيبلانكوس" طوال البطولة تحول في نهاية المطاف إلى دموع مريرة.
إذاً طويت صفحة دوري الأبطال بتتويج ريال مدريد، وستنتقل الأنظار الآن نحو كأس أوروبا على الأراضي الفرنسية. هناك حيث ستكتب حكاية جديدة بفرحٍ ودموع.