مع انطلاق كل بطولة جديدة في عالم كرة القدم، تحتل المرأة مكاناً بارزاً فيها، ولا سيما الإعلاميات، فتجذبن اليهن عناوين الصحف، والكلام الكثير في وسائل التواصل الإجتماعي. لكن الحقيقة انه احياناً لا تأخذ التعليقات دائماً منحىً إيجابياً لا في أوروبا، ولا في بلداننا، بل على العكس تماماً، تأتي هذه التعليقات في إطار الصورة النمطية عن إتهامات التمييز بين الجنسين، ودائماً تحت شعار المس بحقوقهن والمجتمع الذكوري والى ما هنالك من عناوين...مع ذلك، لا يمكن نفي أن العدد الأكبر من النساء لا يحب كرة القدم، وأن بعضهن يتابعن المباريات لوسامة اللاعبين.
تصب السخرية بعد كل دخول للمرأة في مجال جديد يخص كرة القدم

هذا من جهة أما من جهة أخرى، فهناك من هو على دراية كاملة بتفاصيل اللعبة؛ قواعدها، قوانينها، المنتخبات والفرق، واللاعبين، وكل ما يدور مدارهم من أخبار ومتابعات.
في عام 1899، كانت إليزابيت بروغاني، أول من اقترحت لعبة كرة القدم للنساء، لتبدأ بعدها كرة القدم النسائية في الانتشار، من دولة الى أخرى، ولتطبق البلدان قوانين اللعبة بشكلٍ جزئي بدايةً، ربما حتى يستوعبوا الصدمة، ثم بشكلٍ كامل.
بعد كل هذه الفترة الطويلة عاد النقاش من جديد الى عناوين الصحف ووسائل الإعلام مرة أخرى هذا العام، مع انطلاق "اليورو" في فرنسا. اما الحدث الجديد فهو الصحافية الألمانية كلاوديا نويمان التي باتت أول سيدة تعلق على مباريات البطولة.
من تابع مباراة إيطاليا والسويد ضمن مباريات الجولة الثانية من دور المجموعات على القناة الثانية الألمانية (ZDF) التفت الى أن صوت المعلق هذه المرة يختلف عن المعتاد، إذ انه صوت أنثوي.
طبعاً، لم تخل مهمة نويمان من انتقادات لعدم الاعتياد على سماع صوت امرأة خلال متابعة المباريات. وكانت نويمان بحسب تعبيرها مدركة تماماً، ومنذ البداية، أن اقتحام مجال اختص به الرجال تقليدياً ليس بالأمر السهل.
الجموع على وسائل التواصل الاجتماعي انهالت عليها بالعديد من التعليقات الساخرة. وبعد انتهاء الشوط الأول، تلقت شتائم وسخرية بشكل كبير ومهين جداً، ما اضطر المشرفين على صفحة "ZDF" الى حذفها طالبين من المتابعين النقاش الموضوعي، بدل توجيه النقد الشخصي لها.
وترجع نويمان هذا الامر إلى الشعور السلبي لبعض الرجال عندما يرون سيدة تقتحم عالمهم. وقد تصيب في هذه النقطة، إذ إن هذا ما يحصل عادة عند اي امر جديد يتعلق بالكرة، لكن بعد فترة، الجميع سيعتادها، ويطَبِّعونها لتصبح جزءاً من لعبتهم التي لا ضير فيها.
تكررت مشاهد السخرية غير مرة، وأشهرها كانت من قبل المعلقين الإنكليزيين الشهيرين في محطة "سكاي سبورتس" أندي غراي وريتشارد كيز ، خلال مباراة ليفربول وولفرهامبتون، حين شككا في قدرة السيدات على إدارة مباريات هذه اللعبة الشعبية، وقت كانت مساعدة الحكم سيان ماسي على خط الملعب. وقالا حين اعتقدا أنهما لم يعودا على الهواء مباشرة إذا ما كانت تعرف قاعدة التسلل.
اليوم لم يعد أحد يعترض على وقوف صحافية في أطراف الملعب لتجري حوارات مع الجهاز الفني أو اللاعبين، وبات ذلك مقبولاً لدى الجمهور.
خارج الوسط المعتاد هذا، ستدخل وجهات نظر جديدة، وستستمر، دخول المرأة الى عالم كرة القدم الذي لم يعد حكراً على الرجال، في أي موضع من مواضعه.
قد لا يعجب البعض صوت المرأة في التعليق على المباريات أو طريقتها في ذلك. لكن تقبل هذا الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى يتعوده الجمهور الرياضي. إنها مسألة وقت فقط، وسيرضى رافضون كثر به. بعد هذه الخطوة قد تشهد المرحلة المقبلة للبطولات العالمية الكبرى دخول النساء الى استودياهات التحليل. وكالعادة بين القبول والرفض، سينجحن أسوةً بالرجال.