تُستخدم الألقاب كثيراً في عالم كرة القدم. نقرأها في الصحف ووسائل الإعلام، ونسمعها من المعلقين خلال مشاهدتنا للمباريات. ظاهرة ألقاب المنتخبات ليست حديثة، بل لها تاريخ قديم يعود الى أيام تأسيس هذه المنتخبات وبدء مشاركتها في البطولات، وهي تطلق تكريماً لهم أو لتاريخ بلادهم، أو رفعاً لشأنهم ولعطاءاتهم الفنية.
كثيرة هي القاب المنتخبات التي لا ترتبط بعالم كرة القدم
ولا شك في أن الالقاب باتت في عصرنا هذا جزءاً من وسائل التأثير في الجمهور والخصوم. وهذا الامر يحضر بقوة في "يورو 2016" مع منتخباتٍ عدة، على رأسها منتخب ألمانيا الذي رفع كأس العالم 4 مرات، وقد لُقّب بـ "الماكينات"، نظراً للقوة الصناعية التي تتميّز بها هذه البلاد، فضلا عن أنه في كرة القدم، يتميز اللاعبون الالمان بقوة اللياقة البدنية واستمرارهم في تقديم أداءٍ عالٍ، من دون تراجع حتى اللحظات الأخيرة من المباراة. أما كلمة الـ "ناسيونال مانشافت" الشهيرة، فهي كلمة ألمانية، وتعني المنتخب الوطني.
المباراة المرتقبة للألمان في "اليورو" الحالي ستكون أمام "الآزوري" الايطالي في نهائي مبكر ضمن الدور ربع النهائي للبطولة. و"الآزوري" يعني اللون الأزرق السماوي، وهو اللون الأساسي لمنتخب الطليان رغم عدم وجود هذا اللون في ألوان علمه: الأخضر، الأبيض، والأحمر. أما سبب اعتمادهم على هذا اللون، فهو يعود الى فترة الحكم الملكي لإيطاليا بين عامي 1861 و1946. وخلال هذه الحقبة أُسس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم الذي قرر أن يكون لون قميص المنتخب على لون علم العائلة المالكة "سافوي" وهو اللون الأزرق. ولم يتغير هذا القرار رغم سقوط حكم عائلة سافوي منتصف الاربعينيات لتصبح إيطاليا جمهورية ديمقراطية.
مضيفو البطولة، الفرنسيون، لا يطلق عليهم سوى لقب "الديوك". ويعود رمز الديك الى القرون الوسطى، يوم كان رمزاً لليقظة الفرنسية، والقوة مع الإلهام. وبدايات استخدامه في الرياضة الفرنسية كانت عام 1909، عندما وضع منتخب كرة القدم صورة الديك "جالي" على قمصان اللاعبين، ليبقى حالياً على ما هو عليه. وهذا الديك لم يختفِ من تاريخ الفرنسيين إلا خلال حكم نابوليون بونابرت، حيث كانت نظرته معاكسة للجميع، معللاً رأيه بالقول أن الديك ليس قوياً على الاطلاق، ولا يمكنه أن يمثّل صورة امبراطورية فرنسا.
المنتخب البرتغالي يربطه لقبه بأحد بلدان أميركا الجنوبية وهو البرازيل، اذ لُقّب بـ "برازيل أوروبا". وهذا اللقب يفسّر ارتباطه بالمهارات الفنية التي يتمتع بها لاعبوه، والتي شُبّهت بمهارات لاعبي المنتخب البرازيلي، فضلا عن الارتباط الثقافي بين البلدين.
"الأسود الثلاثة" هو لقب المنتخب الإنكليزي. قوة الأسود التي تنتشر على مختلف الشعارات في المملكة المتحدة، يعود اعتمادها إلى عهد الملك هنري الأول، المعروف بأسد انكلترا، والذي تولى السلطة عام 1100. تزوج الأخير من أديليز التي كان والدها أيضاً يضع شعار الأسد على درعه. واحتفاءً به، أضاف الأسد الثاني. عام 1154، تحول الأسدان الى ثلاثة حين تزوج الملك هنري الثاني إليانور، التي كانت أيضاً عائلتها تعتمد شعار الأسد على دروعها.
وحين وصل ريتشارد قلب الأسد الى سدة الحكم (1189-1199)، اعتمد الأسود الذهبية الثلاث رمزاً للعرش الإنكليزي.
بعد ذلك، ظهر هذا الشعار على الأسلحة وكل ما يمت الى الدولة بصلة، وحين جرى تأسيس اتحاد كرة القدم عام 1863، كان طبيعياً أن يكون هذا الشعار هو المعتمد.
الشعارات أو الألقاب تحمل في طياتها رموز شجاعة وقوة أو تحمل تاريخاً طويلاً من العراقة والدلالات والمعاني، مع ذلك، فمنها ما قد يصبح في إطار المبالغات التي تفقد قيمتها في عصرنا الحالي. فلا الانكليز ظلوا أسوداً، ولا الإسبان نجحوا بأن يحافظوا على مستوى الثيران التي لا يقف أمامها أحد.