عشرة اعوامٍ مرّت على فضيحة "الكالتشوبولي" التي هزّت أركان كرة القدم الإيطالية وتسبّبت بإسقاط يوفنتوس إلى مصاف أندية الدرجة الثانية. عقدٌ من الزمن مرّ على هروب نجوم مثل فابيو كانافارو والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش والفرنسي باتريك فييرا من جحيم اللعب في مواجهة أندية مثل تريفيزو، ريميني، مانتوفا وأريتسو. وقتذاك لم يبقَ من النجوم سوى أليساندرو دل بييرو، جانلويجي بوفون، الفرنسي دافيد تريزيغيه، التشيكي بافل نيدفد، ماورو كامورانيزي والشاب كلاوديو ماركيزيو، في محاولة منهم للعودة بسيدتهم العجوز إلى موقعها الطبيعي بعد اسقاطها الى الدرجة الثانية بقرارٍ جاء من خارج المستطيل الاخضر.عودةٌ لم تتأخر كثيراً وموسم واحد فقط كان كافياً لنرى "اليوفي" بين أندية النخبة مجدداً في موسم 2007-2008، ليبدأ العمل تالياً على تحقيق هدف التربع على عرش الكرة الإيطالية من جديد. هدفٌ ساهم في تحقيقه العديد من العوامل، اذ ان تولّي الرئيس الشاب أندريا أنييللي رئاسة النادي في عام 2010 قلب الأمور جذرياً من كافة النواحي. أولى الخطوات التي قام بها أنييلي كانت تعيين جوسيبي ماروتا مديراً رياضياً للفريق وجلب ذراعه اليمنى فابيو باراتيتشي مساعداً له.
بدأ هذا الثنائي نشاطهما في بداية موسم 2010-2011، لكن نتائج مجهودهما لم تظهر سوى في السنة الثانية لهما تزامناً مع تعيين أنطونيو كونتي مدرباً للفريق.
أي لاعب كبير سيفكر كثيراً قبل الانتقال الى فريق منافس ليوفنتوس

لم يكن نجاح كونتي بحسم لقب الدوري من دون التعرض لأي خسارة في موسم 2011-2012 سوى البداية فقط. بداية عهد جديد تحت قيادة رئيس شاب وطموح كان ينوي إعادة فريقه إلى الواجهة محلياً وأوروبياً. خمسة ألقاب متتالية للدوري، ثلاثة منها مع كونتي ولقبين مع خلفه ماسيميليانو أليغري، إضافة إلى لقبين في كأس إيطاليا، وخوض نهائي دوري أبطال أوروبا هي حصيلة العهد الجديد حتى الآن. حصيلةٌ قابلةٌ للزيادة بكل تأكيد وما الموسم الماضي سوى تأكيد لهذه الفرضية، اذ على الرغم من ابتعاده عن الصدارة بفارق 11 نقطة كاملة بعد الأسبوع العاشر، فقد حقق يوفنتوس رقماً قياسياً في المباريات الـ 25 التالية مسجلاً 24 فوزاً وتعادلاً واحداً، ليحرز لقبه الخامس على التوالي، وهو أمر لم يحصل منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
قد يمثل هذا السيناريو نقطة تحولٍ تصب في مصلحة "اليوفي"، وتضرّ كثيراً بالخصوم المنافسين على اللقب. فالشك بعدم القدرة على مجاراة "السيدة العجوز" سيصبح يقيناً، ولا سيما أن "البيانكونيري" أنهى الأمور قبل ثلاث مراحل على النهاية برغم البداية المتعثرة والإصابات الكثيرة التي ألمّت به، وبرغم تقديمه للمستوى الأسوأ له مقارنةً بالمواسم الأربعة الأخيرة.
هذه الصعوبة أو ربما الاستحالة في مجاراة "اليوفي" ستجعل أي لاعب كبير يفكر كثيراً قبل المجيء إلى إيطاليا للالتحاق بفريق منافس. فهذه النوعية القادرة على صنع الفارق يهمها التتويج بالألقاب وكسب الأموال على حد سواء، وهذا ما لا يستطيع المنافسون الأبرز حالياً روما ونابولي ضمانه. هو واقعٌ عكسه قيام صانع الألعاب البوسني ميراليم بيانيتش بترك روما والانضمام إلى يوفنتوس، وقد حذا الارجنتيني غونزالو هيغواين حذوه بسرعة. هما اتخذا الخيار الأنسب لهما من الناحية المهنية والمادية، ضاربين بعرض الحائط شعارات الولاء وحب القميص وخيانة جماهيرهم بالانتقال إلى فريقٍ منافس.
بالتأكيد لا يمكن لوم "اليوفي" على ضمّ أبرز نجمين في الدوري إلى صفوفه، وبالتالي إضعاف منافسَيه المباشرين والتقليل من حجم الإثارة التي تكاد تكون معدومة أصلاً، فاللوم يقع على إدراتي روما ونابولي لوضعهما شرطاً جزائياً يسمح لمن يدفع قيمته بضمّ نجميهما. سياسةٌ كهذه ستضع الفريقين دائماً أمام خطر فقدان أهم الركائز، وبالتالي تعبيد الطريق أمام "اليوفي" لتكريس سطوته المحلية والتفرغ جدياً لحصد لقب أوروبي طال انتظاره. هو أمرٌ يبدو في المتناول ولا سيما أن فريق الشمال لديه إدارة تُوازن بين الشِقّين الفني والمالي، وهذا ما يتطلبه تحقيق الألقاب في كرة القدم الحديثة. هي وضعت خطةً لرفع مداخيلها وجعلها قادرة على مقارعة كبار القارة. خطةٌ بدأت ببناء "يوفنتوس ستاديوم"، ولن تنتهي بجلب نجومٍ يأتون بالفائدة الكروية ويرفعون من القيمة المالية والتسويقية للنادي. لذا ليس مستغرباً أن نرى الفريق اليوم يحتل مركزاً متقدّماً في جميع الاحصاءات، على غرار ترتيب أغنى الأندية أو تصنيف أبرز العلامات التجارية لأندية كرة القدم أو تلك المختصّة بحجم المداخيل السنوية.
قصة نجاح يوفنتوس بين 2006و2016 اختصرها تصريح المدرب أليغري في إطار تعليقه على الأخبار المتعلقة برحيل نجميه الفرنسي بول بوغبا وليوناردو بونوتشي "هذا ليس ناديا لبيع اللاعبين. أصبحنا على دراية ووعي كاملين بقدراتنا. على نجوم يوفنتوس التفكير ملياً قبل المغادرة، فنحن من بين أفضل أربعة أندية في أوروبا".