■ هل تخيّلت يوماً ان تجد نفسك في لبنان لتعمل في مشروعٍ بعيداً من الاضواء؟سافرت حول العالم وخضت مغامرات كثيرة، لكن جذبني ايضاً العمل في مشاريع انسانية، ولهذا السبب جئت الى لبنان للمرة الاولى منتدباً من الاتحاد الهولندي لكرة القدم للمساهمة في انجاح مشروع "Righ to Play - Lebanon"، حيث نحمل هدفاً مشتركاً، وهو مساعدة الشبان على تذليل العقبات الاجتماعية من خلال الرياضة.

■ كيف تقيّم هذا المشروع، ولماذا يذهب الاتحاد الهولندي للمشاركة في هذا النوع من المشاريع في بلدٍ مثل لبنان؟
في كل العالم كما في لبنان يبدو مهماً ان نقوم ببعض التحسينات الحياتية مع الشبان من خلال الرياضة، وتحديداً كرة القدم. وهذه الوسيلة نراها اداة لتلقينهم كيفية التخلص من مشاكلهم في المجتمع، والمشاركون معنا في البرنامج التدريبي هم من المدربين الشبان الذين يتعاملون مع الصغار، وبالتالي نتطلع اليهم لايجاد الوسائل والطرق المناسبة لمساعدة هؤلاء الصغار ليس فقط في كرة القدم، بل في الحياة اليومية ايضا. هذه هي رؤيتنا في الاتحاد الهولندي التي ننقلها الى المدربين الشبان الذين يضطلعون بمسؤوليات مساعدة ابناء الجيل الاصغر من جيلهم.

■ لديك مسيرة رائعة وكنت تحت الاضواء دائماً، كيف قبلت فكرة العمل في منطقة الشرق الاوسط؟
لقد اعطتني كرة القدم الكثير، وانا سعيد الآن بتقديم اي شيء الى العالم من خلالها، وهذا النوع من المشاريع فيه العطاء الكثير لاننا نعطي الشبان والاطفال ثقافة اللعب ومساعدة بعضهم البعض ودفع حياتهم نحو الافضل. اعتقد انه بهذه الطرق سيظهر العالم بشكلٍ افضل، وسينبذ كثيرون القتال والعنصرية والطائفية، وهو ما نطمح اليه ونأمل تحقيقه.
■ فلنتحدث قليلاً عن الكرة الهولندية. برأيك ما هو سبب هبوط مستوى المنتخب الهولندي اخيراً؟
لماذا تستغرب هذا الموضوع؟ نحن حققنا ما فيه الكفاية ومنذ السبعينيات وحتى الاعوام القريبة الماضية. بلدٌ صغير لا يتخطى عدد سكانه الـ 7 ملايين نسمة، يفوز بالبطولات على صعيد المنتخبات والاندية ويخرّج نخبة من النجوم، وهذا يكفي لنؤكد اننا نعمل بشكلٍ صحيح. في المونديال قبل الماضي وصلنا الى المباراة النهائية، وهو انجاز بحدّ ذاته. منتخب هولندا سيعود كما كان وافضل في وقتٍ قريب جداً.

■ لكن اخيراً فشلتم في تقديم اي موهبة جديدة الى عالم الكرة؟
ألا تعلم السبب، انا سأخبرك. السبب هو المال الذي يصعّب الامور موسماً بعد آخر على الاندية الهولندية، فالامور تتجه نحو الجنون في اللعبة حالياً بسبب المبالغ الكبيرة التي تُدفع للاعبين وتجعلهم في تنقلٍ دائم. الاندية الغنية تأتي بأموالها وتخطف المواهب الصغيرة من اندية مثل اياكس امستردام وبي أس في أيندهوفن وفينورد، في وقتٍ يكون فيه هؤلاء الصغار في حاجة للبقاء مع انديتهم الام ومتابعة برنامجهم التطويري المرسوم. وغالباً في البلدان الاخرى تتغيّر ثقافتهم الكروية فيبدأون من الصفر او يفشلون. ورغم ذلك لا نزال نطوّر العديد من المواهب بشكلٍ افضل من البلدان الاخرى، لكن الامور تزداد صعوبة بسبب الاغراءات المالية، وهو امر مثير للشفقة.

■ تفتقدون اليوم الى القائد الحقيقي على ارض الملعب، اضافةً الى ايجاد مدربٍ هولندي واحد يمكنه ان يخلق ثقافة الفوز او اسلوبا جديدا فعالا.
لا اوافقك الرأي، واعلم انك تصوّب على مسألة عدم تأهلنا الى كأس اوروبا. في المونديالين الاخيرين حصلنا على المركزين الثاني والثالث توالياً، لكنْ طبيعي ما حصل لان تلك المجموعة المميزة من اللاعبين تقدّمت في السن، وبات الامر يتعلّق بالجيل الجديد. عندما يتقدّم لاعب او اثنان بالسن يمكنك استبدالهما، لكن عندما يتراجع مستوى مجموعة كاملة ويجري استبدالها لا يمكن ان تتوقع ان يأتي لاعب صغير ليؤدي دور القائد المؤثر الذي يتحمّل المسؤولية. تنقص لاعبينا الشبان الخبرة الدولية، لكنني اكيد انه بعد سنتين ستعود هولندا الى ما كانت عليه.
اما بالنسبة الى المدربين فلا ارى فشلاً لهم في اي مكان.

■ ألم يفشل لويس فان غال؟
لا لم يفشل، لانه لا يمكن ان ننتظر منه احراز الالقاب لاثبات انه مدرب جيّد. انتظر وسترى كيف سيعاني جوزيه مورينيو هذا الموسم، وسأذكرك بهذا الامر اذا التقينا مجدداً السنة المقبلة في مثل هذا الوقت. عليك ان ترى كيف يعمل فان غال نهاراً وليلاً على تطوير اللاعبين وجعلهم افضل، وهذا هو الانجاز. لا اتقبل فكرة ان المدرب الجيّد هو من يحرز الالقاب فقط.

■ أيمكننا القول ان برشلونة هو اكثر الاندية التي استفادت من الكرة الهولندية، وان التأثير الهولندي لا يزال موجوداً في النادي الكاتالوني؟
بعد مونديال 1974 انضممت الى يوهان كرويف والمدرب رينوس ميتشلز في برشلونة، ونجحنا بفضل الاسلوب الهولندي، ثم تكرر الامر مع استلام كرويف سدّة التدريب. هو من أمر بالتركيز على العمل مع الناشئين، وهو الذي قرر طريقة لعب برشلونة التي اوصلت النادي الى نجاحاته الكبيرة بفضل اللعب الهجومي والجذاب. كما طوّر العديد من لاعبيه وبينهم جوسيب غوارديولا الذي لعب تحت قيادته وتجرّع منه اسرار التدريب وطبّق فسلفته مدرباً وقد اعترف بالامر.
عندما تركت مع فرانك رايكارد مقاعد التدريب في "البرسا"، استلم غوارديولا الفريق الاول وكان يعلم ما عليه فعله لان الفلسفة عينها كانت تطبّق في الفريق الرديف الذي اشرف عليه، فحمل لاعبين شبانا مثل سيرجيو بوسكتس وبدرو رودريغيز معه، وهم نجحوا بسرعة لانهم اعتنقوا النهج نفسه قبل ترفيعهم.

■ هل اصبحت كرة القدم مملة بسبب الطرق الدفاعية الكثيرة المعتمدة؟
كرة القدم تتطور وتتغيّر بشكلٍ سريع ولا يمكننا مقارنتها بالماضي، تماماً كما لا يمكن تحديد من هو افضل لاعب في التاريخ. ففي الخمسينيات والستينيات كان بيليه الافضل، وفي السبعينيات كان كرويف، ثم جاء مارادونا في الثمانينيات، واليوم هناك ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو. باختصار لا يمكنك ان تقارن الفوتبول في يومنا هذا بذاك الذي عرفناه قبل 4 اعوام على سبيل المثال.

■ أليس هناك مدربون يقتلون اللعب الجميل؟
الامر يتوقف عند نوعية اللاعبين الذين تملكهم، فاذا لم يكن لديك لاعبون يجيدون الـ "تيكي تاكا" مثلاً، فستلجأ الى خططٍ دفاعية وتنتظر الهجمة المرتدة لتسجل هدفاً. كمدرب يكون العمل والتخطيط استناداً لما تملكه من اوراق بين يديك.

■ هل سنراك عائداً الى الملاعب للتدريب؟
قطعاً لا، فأنا استمتع بما اقوم به حالياً، وسأسعى الى المزيد من المشاريع في لبنان والمنطقة وفي كل بلدٍ فيه حاجة الى الثقافة الانسانية لكرة القدم.




يوهان الثاني


يقال ان نيسكنز كان سيتربع على عرش اللاعبين في السبعينيات لولا وجود كرويف، لذا فهو لُقّب بـ "يوهان الثاني". رجل الوسط الحديدي تألق لاعباً مع اياكس امستردام وبرشلونة، الذي عمل فيه ايضاً مساعداً لرايكارد، وهما رفّعا ميسي الى الفريق الاول.