لو كان السؤال قبل انطلاق الموسم الحالي من الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم عن الفريق الذي سيكون صاحب أقوى خط دفاع في الموسم، لجاء الجواب تلقائياً: تشلسي. أما السبب في ذلك، فهو ـ بطبيعة الحال ـ أن الإيطالي أنطونيو كونتي تسلّم تدريبه.لكن الواقع الآن هو غير ذلك كلياً، بل يبدو صادماً، إذ إن "البلوز" تلقى مجموع 13 هدفاً في 8 مباريات بين الدوري وكأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة، والحال السيئ لدفاع الفريق تجسد أول من أمس في المباراة أمام جاره أرسنال، حيث تلقت شباك الحارس البلجيكي ثيبو كورتوا ثلاثة أهداف، جاءت جميعها في شوط واحد، وكادت الغلّة تكون أكبر لو حالف التوفيق لاعبي "المدفعجية".
دون مبالغة، تحوّل دفاع تشلسي إلى شوارع في ملعب "الإمارات"، حيث تمكن أصحاب الأرض من ضربه أكثر من مرة، واختراقه من كافة الجهات، إن على الطرفين، أو من منتصف الملعب، خصوصاً عبر التمريرات القصيرة، وهذا ما حصل في الهدف الثاني الذي سجله ثيو والكوت. وما زاد الطين بلة، هو الأخطاء في الخط الخلفي، وتحديداً كرة غاري كاهيل التي أخطأ في إرجاعها لكورتوا، ليقتنصها التشيلياني أليكسيس سانشيز وينطلق بها ويسددها في الشباك، مسجلاً الهدف الأول.
إنها الصدمة بالتأكيد لرؤية دفاع تشلسي بهذه الحال، وهنا يتحمل كونتي المسؤولية منذ قبل انطلاق الموسم وفي خضمّه الآن. إذ ما هو واضح أن دفاع "البلوز" قد هرم، نظراً إلى تقدم عناصره الرئيسية في السنّ، والحديث هنا عن جون تيري (35 عاماً) وغاري كاهيل (30 عاماً) والصربي برانيسلاف إيفانوفيتش (32 عاماً) والعائد البرازيلي ديفيد لويز (29 عاماً)، إذ إن تيري، ورغم أنه لا يزال القلب النابض للدفاع الأزرق، وهذا ما تأكد في غيابه، فكان يجدر البحث عن بديل له لتعويضه هذا الموسم عند إصابته أو مستقبلاً بعد اعتزاله، أما التعاقد مجدداً مع لويز مقابل 40 مليون يورو في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات فليس الخيار المثالي، دون الإنقاص من كفاءة البرازيلي، حيث كان الأجدى البحث عن اسم كبير آخر وأصغر سناً بهذا المبلغ، خصوصاً أن باريس سان جيرمان الفرنسي وجد أن البرازيلي لم يعد بتلك المنفعة التي كان عليها سابقاً، فوافق على بيعه.
وبالانتقال إلى إيفانوفيتش، فإن هذا اللاعب فقد الكثير من قدراته وطاقته التي كان يتمتع بها، وخصوصاً عند الاعتماد عليه في مركز الظهير الأيمن، حيث بات يفتقد السرعة للمواكبة الهجومية، فيما بات كاهيل كثير الأخطاء في هذا الموسم، على عكس صلابته المعتادة.
هكذا إذاً، كانت البداية من فشل كونتي في التدعيمات الدفاعية قبل انطلاق الموسم، أما في خضمّه، فلم يفلح الإيطالي حتى الآن في فرض أسلوبه الذي كان يتبعه في يوفنتوس، وبعد ذلك مع المنتخب الإيطالي، وهذا يعود طبعاً إلى اختلاف الأسماء وطريقة اللعب بين إيطاليا وإنكلترا، وهذا ما اصطدم به كونتي ليظهر تشلسي عاجزاً في الشق الدفاعي. لكن هنا أيضاً يبدو الخلل عند هذا المدرب، إذ إن الأمور لا تتوقف على الأخطاء في الخط الخلفي وعدم إيجاد الخطة المناسبة، بل المفاجئ هو افتقاد لاعبي "البلوز" للضغط على الخصم، الذي يبدأ من المقدمة، كما بدا جلياً أمام أرسنال.
ما يبدو واضحاً، أن اتباع كونتي أسلوب الصراخ على اللاعبين وتحفيزهم بالـ "غرينتا" التي يشتهر بها الطليان لا يؤتي أكله وحده في ملاعب الإنكليز، إذ لا بد من فكر خططي واضح يبرزه هذا المدرب في بطولة مثل "البريميير ليغ"، وهذا ما لم يقدمه حتى الآن.