حكى كثيرون عن «كلاسيكو» تاريخي بين برشلونة وريال مدريد، وعن مواجهة طاحنة أخرى بين الارجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو على لقبٍ كبير آخر، لكنّ هذا الكلام كان في الدور نصف النهائي فقط، لان قبله كان كل شيء مختلفا، وبعده اصبح كل شيء مغايرا بالتأكيد. والحديث هنا هو عن عنوان المباراة النهائية لدوري ابطال اوروبا بين «البرسا» و»اليوفي»، الذي لم يكن متوقعاً بطبيعة الحال لاعتبارات واسباب عدة. فاذا اخذنا بداية الموسم بعين الاعتبار، نجد ان كثيرين شككوا في امكانية بلوغ الفريق الكاتالوني نهائي برلين، وخصوصاً وسط ظهوره بمستوى متذبذب بمكانٍ ما، وتحديداً في الفترة التي سقط فيها في مباراتين متتاليتين امام غريمه ريال مدريد وسلتا فيغو على التوالي، ما دفع الكل الى سحب السكين باتجاه المدرب لويس إنريكه، مشككين في قدرته على تحقيق شيءٍ مع الفريق هذا الموسم.
وتعزز هذا الامر اكثر مع التخبّط الاداري والقرارات التي صدرت بحق برشلونة على خلفية مخالفته قوانين الارتباط باللاعبين الناشئين، واكثر عندما كثر الحديث عن ترك ميسي للفريق وذهابه الى باريس سان جيرمان الفرنسي او تشلسي او مانشستر سيتي الانكليزيين.
كل هذه المشكلات عمل إنريكه على حلّها بطريقة دبلوماسية، لكن الاهم كان خطوة واحدة قام بها، وهي خطوة فنية بدّلت من صورة الفريق، فهو عاد الى الاعتماد على كل الاسماء الرنانة الموجودة في صفوفه، اذ بعدما اعطى دوراً اساسياً في البداية للبرازيلي رافينيا الكانتارا وللمهاجم الواعد منير الحدادي اللذين لا يملكان خبرة كبيرة، استفاد الى ابعد الحدود من عودة الاوروغوياني لويس سواريز الى صفوفه، فأوعز الى لاعبيه بكلمة مرروا الكرة بسرعة وحاولوا ايصالها الى ثلاثي المقدمة. كانت هذه الخطوة كافية ليشهد العالم على ثلاثي هجومي مرعب مؤلف من ميسي وسواريز والبرازيلي نيمار الذين سجلوا معاً رقماً مخيفاً قوامه 120 هدفاً هذا الموسم.

وفي المقلب الآخر، كانت الفرص قليلة امام جميع المنافسين في الـ «سيري أ» لانزال يوفنتوس عن عرشه، لكن في الوقت نفسه كانت الشكوك كثيرة بامكانية نجاحه على المستوى الاوروبي. وهذه المسألة كانت ناجمة من عدة اعتبارات، اولها الحضور الخجول للكرة الايطالية بين اقرانها الاوروبيين في الاعوام القريبة الماضية، وثانيها كان عشية سحب قرعة الدور نصف النهائي لدوري الابطال، حيث تمنى برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونيخ بطل المانيا، ملاقاة «السيدة العجوز» في دور الاربعة، لكن امنيات احدهم وهو الفريق الملكي تحوّلت كابوساً لان تلك السيدة اطلّت بأبهى حلّة، ولأن جمال ادائها اخاف القطب الآخر في «الليغا»، الذي سيدخل لقاء الليلة حذراً من دون اي شك.
نعم، يرشح كثيرون «البرسا» لرفع الكأس صاحبة الاذنين الطويلتين، لكن عندما يأتي احدهم من خارج التوقعات ليفرض عنوان مباراة نهائية غير متوقعة، لا بدّ من التأكيد بأن حضوره ليس امراً عادياً، ما يعني ان يوفنتوس قادرٌ على فعلها ايضاً.
لن نغوص في التشريح الفني للقاء او الحديث على نحو تقليدي عن امكانات كل اللاعبين التي باتت معروفة للعالم، لكن يمكن التوقف عند مفاتيح معيّنة قد تكون اساسية في فتح الباب نحو منصة التتويج بالنسبة الى المدربين إنريكه وماسيميليانو أليغري، إلا أنه لكل مفتاح قفل لدى كلٍّ منهما، وهذا ربما يتضح من خلال المواجهة المرتقبة بين ابرز اسمين، اي ميسي والحارس جانلويجي بوفون، اللذين يتقابلان للمرة الاولى في موقعة رسمية، ويا لها من موقعة، فهي ستضع فلاسفة الهجوم وجهاً لوجه مع اساتذة الدفاع.
ببساطة استحق برشلونة ويوفنتوس ما بلغاه من خارج التوقعات، بانتظار ان يحققا المطلوب ويقدّما مباراة ممتعة الى العالم اجمع.