لا شك في أنها كانت أسوأ مباراة في مسيرة المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا، ولا شك في أنه اتخذ خلالها أسوأ خيارات تكتيكية منذ بداية مشواره في عالم التدريب. صحيح أن برشلونة يفوق مانشستر سيتي خبرةً في مسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، لكن أحداً لم يكن يتوقع أن تكون النتيجة بتلك الصورة، لا بل كادت تكون أسوأ لو لم يهدر البرازيلي نيمار ركلة جزاء.
لا يمكن لغوارديولا التفكير بأنه يمكنه اختراع ميسي آخر
والصحيح أيضاً أن طرد الحارس التشيلياني كلاوديو برافو كان مؤثراً في تلك المباراة، لكن لا لدرجةٍ يصبح فيها السيتي مجرد أداة تدريب للفريق الكاتالوني الذي تسلى مهاجموه بخطّي وسط الخصم ودفاعه، وخصوصاً النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي سجّل "هاتريك" في تلك الأمسية. وهذا الكلام يأخذنا الى التصويب على نقاطٍ معيّنة أخطأ فيها غوارديولا ويُفترض عليه تفاديها في موقعة الليلة، وإلا فإن "استاد الإتحاد" سيشهد على ملحمة جديدة لبرشلونة.
الواقع أن غوارديولا لا يبدو مقتنعاً بأن عليه تغيير طريقة لعب فريقه بحسب ما تقتضيه الحاجة أو إذا ما تكلمنا بشكلٍ أدق عندما يقابل فريقاً مخيفاً مثل برشلونة، يملك كل الإمكانات لاستغلال أي ثغرة بسيطة من أجل الوصول الى هدفه.
أمام فريقٍ مثل برشلونة لا يمكن لغوارديولا أن يظلّ مصراً على اللعب بخط دفاعٍ متقدّم، وخصوصاً بظهيرين متقدّمين، وهو الأمر الذي تسبّب باهتزاز شباك سيتي بهدفٍ أول في مباراة الذهاب عندما خسر الظهير الأيسر الصربي ألكسندر كولاروف الكرة، ليستغل ميسي المساحة المتروكة خلف المدافعين ويهزّ الشباك.
وفي تلك اللقطة بدا جليّاً أيضاً أن غوارديولا طلب من رجال الوسط اللعب متقدّمين أيضاً، ما لم يمنحهم فرصة للمشاركة في العملية الدفاعية وتعويض خطأ كولاروف. وربما كانت فكرة "بيب" خلق الزيادة العددية في خط الوسط من أجل عدم منح الحرية للاعبي "البرسا" للتصرف بالكرة، وهي خطة لم تنجح لأن لاعبي سيتي لم يظهروا ككتلة واحدة ضاغطة في وجه لاعبي خط الوسط الخلاقين لدى برشلونة. أضف، أن اللاعبين الذين كان من المفترض منهم أن يساندوا خط الوسط في الشق الدفاعي، انشغلوا في مهماتهم الهجومية، أمثال البلجيكي كيفن دي بروين والدولي رحيم سترلينغ، ليبقى الألماني إيلكاي غوندوغان محارباً وحيداً في منتصف الملعب، في ظل غياب مقلق لشريكه البرازيلي فرناندينيو.
وبالحديث عن دي بروين، فإنه لا يمكن لغوارديولا التفكير بأنه يمكنه اختراع ميسي آخر، إذ هناك ميسي واحد فقط. وهنا المقصود محاولته إشراك دي بروين في مركزٍ مشابه لذاك الذي أعطاه للأرجنتيني أيام كان مدرباً لبرشلونة، في وقتٍ كان فيه خطأه الأكبر في الشق الهجومي بإبقائه لهدافه الأرجنتيني سيرجيو أغويرو على مقاعد البدلاء. وهذه النقطة الأخيرة لا بدّ أن يكون غوارديولا قد استغنى عنها كليّاً بعدما أكد "كون" حضوره مرة جديدة بهدفيه أمام وست بروميتش ألبيون في نهاية الأسبوع. وبالطبع أراد "بيب" أن يفاجئ برشلونة بشيء جديد عبر هذه الخطوة، لكن فريقه السابق كان أكثر من فاجأه بظهوره وكأنه قرأ خطته قبل بداية المباراة، أو إذا صح التعبير بقراءته السريعة لتلك الثغر الموجودة في تشكيلته، وعلى رأسها المصائب في قلب الدفاع حيث كان جون ستونز والأرجنتيني نيكولاس أوتامندي من ضيوف الشرف الرئيسيين في المباراة، حيث تسلّى بهما مهاجمو الفريق الكاتالوني.
باختصار، تعلّم مانشستر سيتي وغوارديولا دروساً كثيرة من موقعة "كامب نو"، وهي دروسٌ من المفترض أن تفيدهم الليلة من أجل استرداد اعتبارهم أمام خصمٍ رهيب، إذ صحيح أنهم تمتعوا بالشجاعة في الاستراتيجية التي اعتمدوها في المباراة الأولى ولم يركنوا الباص في أي لحظة، لكنهم نسوا تفصيلاً صغيراً وهو أنهم يواجهون أكثر خطوط الهجوم رعباً في عالم الكرة.