ما كان أكيداً قبل منح جائزة أفضل لاعب في العالم من الاتحاد الدولي لكرة القدم أمس، أن الفائز بها سيكون حتماً من الدوري الإسباني بعد أن انحصر السباق النهائي بين البرتغالي كريستيانو رونالدو، نجم ريال مدريد، والأرجنتيني ليونيل ميسي، نجم برشلونة، والفرنسي أنطوان غريزمان، نجم أتلتيكو مدريد.
هو انتصار قبل كل شيء لـ «الليغا» بسيطرتها على المراكز الثلاثة الأولى وتأكيد جديد لريادة الكرة الإسبانية بعد احتلال هؤلاء اللاعبين أنفسهم المراكز الثلاثة الأولى في جائزة الكرة الذهبية الممنوحة من مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية قبل شهرين التي فاز بها «الدون»، حتى إن الجائزة الأخيرة شهدت سيطرة الكرة الإسبانية فيها على المراكز الستة الأولى بحلول الأوروغواياني لويس سواريز، لاعب برشلونة في المركز الرابع، وزميله البرازيلي نيمار خامساً والويلزي غاريث بايل، لاعب ريال مدريد، سادساً.
كذلك كانت الصورة مماثلة في عام 2015 في الكرة الذهبية التي كانت تُمنح بالشراكة بين «الفيفا» و»فرانس فوتبول» بفوز ميسي بها وحلول رونالدو ثانياً ونيمار ثالثاً، علماً بأنه لم يكسر هذا الاحتكار منذ توحيد الجائزة في 2010 سوى الفرنسي فرانك ريبيري، لاعب بايرن ميونيخ الألماني بحلوله ثالثاً في 2013، وزميله الحارس الألماني مانويل نوير، باحتلاله المركز ذاته في 2014.
صحيح أن وجود رونالدو وميسي المسيطرين على الجائزة في السنوات الأخيرة صبّ في مصلحة الكرة الإسبانية، لكن الحقيقة أن هذا الاكتساح يأتي نتيجة لبسط الفرق الإسبانية سيطرتها على الكرة الأوروبية في بطولتي دوري الأبطال و»يوروبا ليغ»، حيث أحرز ريال مدريد اللقب عامي 2014 و2016 على حساب جاره أتلتيكو، وبرشلونة في 2015 في المسابقة الأولى، فيما أحرز إشبيلية اللقب في الأعوام الثلاثة الأخيرة في المسابقة الثانية.
هذا الأمر مردّه طبعاً إلى تطور مستوى «الليغا» في السنوات الأخيرة. صحيح هنا أن الدوري الإنكليزي الممتاز يبقى الأكثر جاذبية ومتعة نظراً إلى عناصر عديدة، بينها الحضور الجماهيري وشكل الملاعب، إلا أن ما هو واضح أن الدوري الإسباني أصبح أكثر قوّة، وهذا ما يترجم على المستوى القاري.
فلنأخذ مثلاً هذا الموسم. إذ بخلاف ابتعاد ريال مدريد في الصدارة حتى الآن، فإن برشلونة وأتلتيكو مدريد يواجهان المصاعب أمام الفرق الأخرى، وآخرها تعادل «البرسا» أول من أمس في الرمق الأخير أمام فياريال 1-1 ليحتل المركز الثالث، فيما يأتي «الروخيبلانكوس» رابعاً، وهذا نتيجة تطور مستوى العديد من الفرق وتخريجها مواهب في الفترة الأخيرة، حتى بات الريال وبرشلونة يبحثان عنها، وتحديداً الأخير مع تراجع الإنتاجية في مدرسته «لا ماسيا».
من هنا، رأينا أن فرقاً مثل إشبيلية وفياريال وأتلتيك بلباو وريال سوسييداد تقول كلمتها وترفع من مستوى المنافسة التي كانت حكراً على القطبين الملكي والكاتالوني، باستثناء دخول أتلتيكو إليها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، حتى أن المدير الرياضي لإشبيلية رامون بيرديخو «مونتشي» كان واضحاً قبل فترة بقوله إن فريقه يسعى إلى كسر هيمنة الريال وبرشلونة، وهذا ما حصل سريعاً بالفعل حالياً باحتلاله المركز الثاني.
أما على المستوى القاري، فإن الأندية الإسبانية استفادت أيضاً من تذبذب مستوى الفرق الإنكليزية تحديداً، وتراجعها مقارنة بما كان عليه الحال في الأعوام الماضية لانشغالها بالسباق الصعب على اللقب المحلي، فيما تعرضت الكرة الإيطالية لنكسات متتالية، وباتت في عهدة يوفنتوس، بينما يسيطر بايرن ميونيخ على الكرة الألمانية وباريس سان جيرمان على الكرة الفرنسية.
من هنا، بات الدوري الإسباني جاذباً لأفضل النجوم والمدربين في العالم، حيث لا يتوقف الأمر على القطبين، بل ــ على سبيل المثال ــ إن النجم الفرنسي سمير نصري، ارتأى الانتقال إلى إشبيلية بعد معاناته مع مانشستر سيتي الإنكليزي، وهو يتألق في صفوفه، كذلك اختار المدرب الأرجنتيني خورخي سامباولي، النادي الأندلسي نفسه في تجربته الأوروبية الأولى بعد نجاحه المنقطع النظير مع منتخب تشيلي.
كل هذه المقوّمات للكرة الإسبانية تقودها إلى فرض سيطرتها على البطولات والجوائز الفردية على السواء، وهي سيطرة مرشحة للاستمرار على الأقل في المدى المنظور.