تربعت الكاميرون على عرش أفريقيا. وثأرت للهزيمتين السابقتين، أمام مصر في نسختي 1986، و2008، لتنتزع منها لقب أمم أفريقيا 2017. قبل انطلاق البطولة، ومع بدايتها، لم يكن أي من المنتخبين، مرشحاً للفوز بالتتويج، على الرغم من أنهما معاً يمتلكان 11 لقباً من أصل 30 بطولة، شهدتها القارة السمراء، 7 في خزائن منتخب مصر، و4 للكاميرون.
لكن استطاع كلاهما شق طريقه للمباراة النهائية، على الرغم من مرور منتخب الكاميرون بمرحلة تجديد وإعادة بناء، بعد اعتزال كل نجومه القدامى. فيما مرَّ الفراعنة بمرحلة انتقالية مع مدربهم الأرجنتيني هيكتور كوبر، إذ لم يستطع الفراعنة التأهل إلى منافسات البطولة في نسخاتها الثلاث (2012، و2013، و2015).
ليلة أمس، رفعت الكاميرون عدد كؤوسها الى 5، راميةً خلف ظهرها الأداء الكارثي في كأس العالم 2014 الذي ظنَّ كثيرون أنه سيبقى يلازمها.
والسبب الرئيسي وراء بلوغ الكاميرون الدور النهائي هو امتلاك المنتخب عقلية الانتصارات، حيث لعبوا بكثير من التروي والهدوء، والصبر حتى اللحظات الأخيرة التي ساعدتهم على الفوز، رغم أن معظم اللاعبين شباب لا يملكون الخبرة الكافية في بطولات كبيرة. قد لا يكون المنتخب قد قدَّم على طول البطولة أداءً راقياً وقوياً، إلا أنه تطور تدريجياً من دور المجموعات الى الدور النهائي وبعدد قليل من الأهداف.

استمرت عقدة المركز الثاني لكوبر التي لازمته خلال مسيرته التدريبية


ولعل من أهم اللاعبين الذي صنعوا النصر الجديد هو الحارس فابريس أوندوا الذي صنع لنفسه اسماً ذهبياً بعدما ساهم بشكل مؤثر في اجتياز الكاميرون الأدوار السابقة. وهو الذي ظهرت موهبته الرائعة في وقت مبكر للغاية، حيث تعاقد معه برشلونة عام 2014 لكنه ظل في الفريق الثاني.
ليلة أمس، قدَّم مباراة جيدة، لكنه لم يفلح حين افتتحت مصر التسجيل عبر هجمة مرتدة، وتبادل كرات مثلث الأضلاع على يسار منطقة الجزاء الكاميرونية بين محمد النني ومحمد صلاح وعمر وردة، قبل أن تعود الكرة الى النني داخل المنطقة، ليتخلص من أدولف تيكو ويسددها رائعة من زاوية ضيقة مرت على يسار أوندوا وانتهت في سقف المرمى في الدقيقة 21.
أسكت النني جميع منتقديه، وخصوصاً بعد عودته من الإصابة التي أبعدته بضع مباريات عن البطولة. استمر الضغط المصري في الشوط الأول، لكن في الشوط الثاني استعادت الكاميرون زمام المبادرة.
وأقرَّ مدرب الكاميرون البلجيكي هوغو بروس بخطة هجومية، حيث دفع بفانسان أبو بكر بدلاً من روبير نديب تامبي، ما ساهم في تعزيز الأداء الهجومي. وعند أول اختبار جدي، تلقت الشباك المصرية الهدف الأول. رفع موكاندحو كرة من الجهة اليسرى، ارتقى إليها نيكولاس نكولو من بين ثلاثة لاعبين وأرسلها رأسية في الزاوية اليسرى، مدركاً التعادل في الدقيقة 59.
أما الهدف القاتل، فجاء في الدقيقة 88، عندما تلقى أبو بكر الكرة بين المدافعين، فهيأها لنفسه وراوغ متقدماً، قبل أن يفلت من الرقابة ويسدد داخل مرمى الحارس عصام الحضري.
سقط حلم العودة المصري، كما استمرت عقدة المركز الثاني لكوبر التي لازمته خلال مسيرته التدريبية حيث خسر 3 نهائيات قارية على صعيد الأندية، اثنتان في دوري أبطال أوروبا 1999-2000، و2000-2002، ونهائي كأس الاتحاد الأوروبي 1998-1999، ليزيد في غلته نهائي كأس أمم أفريقيا.
من جهتها، يتمثل أول المكاسب في حصد الكاميرون اللقب القاري الخامس في تاريخها بسحب البساط من تحت أقدام «الفراعنة» والثأر منهم، والحصول على دفعة معنوية كبيرة لمواصلة مسيرتهم في تصفيات كأس العالم 2018 في روسيا.