اقترب فريق الأنصار من إضافة كأسٍ رابعة عشرة إلى خزائنه، بعد تأهله إلى نهائي كأس لبنان لكرة القدم. تأهلٌ جاء بإقصاء العهد من الدور نصف النهائي بعد فوزه عليه 7 - 6 بركلات الترجيح بعد التعادل 2 - 2 في الوقتين الأصلي والإضافي على ملعب المدينة الرياضية، ليضرب موعداً مع الصفاء في النهائي.
مباراة نصف نهائية مجنونة بكل ما للكلمة من معنى. وهي جاءت باردة، ساخنة، مخجلة. باردة مناخياً، ساخنة فنياً ومخجلة جماهيرياً. فاللقاء الماراتوني الذي امتدّ إلى ما يقارب ساعتين ونصف ساعة أقيم في ظروف مناخية باردة نجحت في التأثير بالشوط الأول من اللقاء الذي جاء مشابهاً للطقس على الصعيد الفني ولم يشهد سوى تسجيل العهد لهدف التقدم من طريق نور منصور (18)، قبل أن ترتفع درجات الحرارة تدريجاً وتصبح ملتهبة في الدقائق الأخيرة. فالأنصار عادل في الدقيقة 82 عبر محمود كجك وأخذ المباراة نحو وقت إضافي كاد يقتصر اللقاء عليه حين تقدم الأنصار في الدقيقة 118 من طريق علاء البابا الذي كان دخوله في الشوط الثاني الأصلي سبباً في ارتفاع مستوى الأنصار. وظن الجميع أن الأمور انتهت وفاز الأنصار، لكن سنغالي العهد بابا أبنو كان له رأي آخر، فعادل النتيجة في الدقيقة 120، وجرّ المباراة إلى ركلات ترجيح فاز فيها الأنصار 7 - 6 بعد أن أهدر حسين منذر للعهد من كرة ارتدة من أسفل القائم الأيمن.
العهد كرر السيناريو عينه مجدداً وسقط في الامتحان الحاسم، والأنصار أثبت أن روحه ورغبة لاعبيه بعدم انتهاء الموسم دون إنجاز أقوى من أي ظروف أخرى. لاعبون حملوا الفريق على أكتافهم، وخصوصاً علي الأتات الذي أثبت أنه ما زال قادراً على تقديم الكثير على الملعب الكبير، كما الصغير في صور حين واجه النجمة في الدوري، وكان عنصراً أساسياً في الفوز الأنصاري حتى خروجه بالبطاقة الحمراء في الدقيقة 122 لنيله الإنذار الثاني "المتعمّد" كي لا يغيب عن نهائي الكأس بتراكم الإنذارات. لكن الأتات ليس بطل المباراة الوحيد، فنصار نصار كان نجماً، وعلاء البابا أيضاً وحسين إبراهيم ومحمد قرحاني، فنجحوا هؤلاء مع زملائهم في الصعود بفريقهم إلى النهائي.
العهد كان خاسراً أمس على جميع الصعد. فهو فقد فرصة تحقيق الدوبليه، وأكّد لاعبوه مقولة أنهم ليسوا لاعبي المباريات المفصلية. أضف إلى ذلك الأداء الجماهيري السيئ في بعض الأحيان والذي قد يكون جاء ردَّ فعل على ما قام به جمهور الأنصار، كما بدا المشهد من بعيد. فالأخير تحوّلت مدرجاته إلى مسرح للشتائم والهتافات الطائفية والسياسية بنحو معيب بحق كل أنصاري يسمح لقلة قليلة بتشويه صورة النادي. "الأخضر" الذي يملك جمهوراً في كل مدينة وبلدة وشارع لا يمكن أن يحتضن جمهوراً يشتم الرموز الدينية دون مراعاة الشقيق الأنصاري من الطائفة الأخرى. ولعل هذا ما أشعل "معركة" على مدرج الأنصار، إذ إنَّ رابطة جمهور النادي بذلت جهوداً كبيرة لمنع دخول أي علم حزبي أو ديني، ونجحت بذلك نجاحاً شبه كامل، فلم تظهر سوى الأعلام الأنصارية. أما الإشكال الكبير الذي حصل وظنّ البعض أنه بين جمهور انصاري سنّي وآخر شيعي على خلفية الشتائم، فلم يكن سوى تضارب بين المجموعة التي بدأت بإطلاق الشتائم وعناصر رابطة الجمهور الذين أرادوا طردهم من المدرج، خصوصاً أنهم ــ كما تقول مصادر أنصارية رسمية ــ أفراد مجهولون للرابطة.
وترى هذه المصادر أنَّ ما أشعل فتيل الهتافات السياسية، هو ما صدر عن مدرج العهد من هتافات سياسية ورفع أعلام غير رياضية، وهو أمر استاء منه مقربين من نادي العهد نفسه. فالمسؤول الإعلامي لنادي العهد الزميل يوسف يونس كتب على صفحته على الفايسبوك في ما يتعلّق بما حدث من بعض جمهور العهد "العلامة البارزة بسلبياتها في المباراة كانت بعض جمهور العهد بدءاً من منتصف الشوط الثاني. عليك أن تأتي بأخلاقك الى الملاعب لا أن تنقل أخلاق ملاعب السوء إليك".
وأشارت المصادر الأنصارية إلى أن التعليمات كانت تقضي بالتصفيق لأي تصرف غير رياضي من قبل جمهور العهد، لكن تلك المجموعة الغريبة استغلت الهتافات المقابلة، وحرّضت الجمهور قبل أن تُطرَد.
مشهد يتكرر للمرة الثانية في ظرف أيام بعد مباراة المنتخب حين تضارب أفراد الجمهور الواحد، ويفرض تحركاً سريعاً لوضع حل لمشكلة قد تتدحرج ككرة ثلج، خصوصاً أنها خارج الرياضة كلياً