كثيرة هي اللقطات التي ركّزت على مدرب إشبيلية الأرجنتيني خورخي سامباولي مساء أمس في ملعب "كامب نو"، في إشارة واضحة بأن الرجل قد يقف في المقعد المعاكس لذاك الذي جلس فيه ليلة أمس عندما تواجه فريقه إشبيلية مع برشلونة في الدوري الإسباني لكرة القدم. الحديث كبير هناك في إسبانيا عن أن "البرسا" وجد ضالّته في سامباولي الذي برأي الكثيرين سيخلف المدرب الحالي لويس إنريكه الذي سيترك منصبه في نهاية الموسم الحالي. كلام الغزل يتطاير أصلاً بين كاتالونيا والأندلس، فها هو إنريكه يبدو كأنه يبشّر جمهور برشلونة بأن النادي وجد خليفته، وكأنه أيضاً يعطي دعماً للمدرب القادم قبل رحيله، ويرمي مسحة رضاه عليه. كذلك، كان سامباولي يغازل مراكز القوة في "البرسا"، فهو سبق أن صوّب كلامه باتجاه مواطنه النجم ليونيل ميسي، مشيراً الى أنه يرغب في تدريب "البلاوغرانا" ليستمتع بوجود "ليو" يومياً.
سامباولي ذكي على أرض الملعب في حساباته الفنية، وذكي أيضاً بعيداً منها، فهو يدرك بأن رضى ميسي أمر لا بدّ منه لكي يحمي نفسه في حال قدومه الى "البرسا"، آخذاً العبر من تجربة مواطنه جيراردو "تاتا" مارتينو، الذي قيل إن الرقم 10 كان عراب وصوله الى مقعد التدريب، وقام بحمايته حتى اللحظة الأخيرة لخروجه من "كامب نو".
المهم أن المدرب الأرجنتيني الذي قاد منتخب تشيلي الى لقب كوبا أميركا عام 2015، ترك بصمة واضحة منذ وصوله الى "الليغا"، ما يؤهله بنظر الكثيرين للجلوس في أحد أكثر المقاعد التدريبية سخونة في عالم الفوتبول.

تشرّب سامباولي
الكثير من الأفكار
من مدرسة غوارديولا

اسمه برز في بلاد الأندلس بفعل فلسفته الخاصة في تظهير أسلوب لعب فريقه، وذلك من خلال خلق إصرار كبير لدى اللاعبين على المستطيل الأخضر، ودفعهم الى القيام بالضغط العالي على حامل الكرة، أي أن أول خطوطه يضغط قبل الجميع ابتداءً من اللحظة التي يحرك فيها حارس المرمى المنافس الكرة. من هنا، يمكن أن يكون سامباولي قد جذب إدارة "البرسا"، فهو يعيد الى أذهانهم صورة ما خطّه المدرب السابق جوسيب غوارديولا مع الفريق من خلال الأسلوب المميز والأداء الممتع. زمن يحنّ إليه كل كاتالوني مشجع لبرشلونة، الذي لا شك في أنه الفريق الذي يجذب سامباولي أيضاً، وهو المعروف عنه بأنه المحب لبناء الفرق والعمل وفق مشروع طويل الأمد، والأمر بالتأكيد سيكون مؤمّناً له في ناديه المستقبلي إذا ما حصلت هذه الخطوة.
والأهم أن هناك في برشلونة العناصر القادرين على تطبيق فلسفته وترجمتها على أرضية الميدان، وخصوصاً في ظل الجوع الهجومي الموجود دائماً لدى هذا الفريق، بحيث يطير الظهيران دائماً لمساندة المهاجمين، الذين يتمتعون بأدوارٍ حرّة على أرض الملعب، ما يخلق متعة لامتناهية في معظم المباريات.
مع سامباولي، يمكن أن تتطور هذه الناحية كثيراً في برشلونة، تماماً كما طوّرها في إشبيلية حيث عجزت فرق كثيرة عن إيجاد الحلول اللازمة للفريق الأندلسي.
ومن يتابع سامباولي يلمس بأنه ليس مدرباً لاتينياً تقليدياً، إذ من خلال ما قدّمه يتضح بأنه تشرّب علمه من مدارس عدة. ويقال إن أكثر من تأثر بهم أرجنتينياً كان مارتشيلو بييلسا، وأوروبياً غوارديولا طبعاً. كذلك، فقد استوحى كثيراً من تطور مستوى بعض الفرق التي يرى فيها قوة عظمى، مثل برشلونة تحديداً، وبايرن ميونيخ بطل ألمانيا.
من هنا، لا يفترض أن تتردد إدارة برشلونة في إمرار العرض الى سامباولي وإلغاء الملف، إذ صحيح أن هناك أسماء مهمة على رادارها، لكن الرجل هو أكثر ما يشبه فريقها، إضافة الى أنه اكتسب الخبرة والمعرفة اللازمة في الكرة الإسبانية أولاً، ثم الأوروبية ثانياً.
التردد قد يكون حاضراً لأن استطلاعات الرأي أشارت دائماً الى أن الجمهور المحلي يحب أن يرى أحد نجومه السابقين في منصب المدير الفني، ويحب أن يرى غوارديولا جديداً، ولمَ لا أحد على شاكلة الهولندي الراحل يوهان كرويف؟ فالاثنان حملا المجد لكاتالونيا على أرض الملعب وعند خط المدربين.