بعد 24 عاماً مرتدياً قميص روما الإيطالي، حانت لحظة النهاية بالنسبة إلى "الملك" فرانشيسكو توتي. أيام معدودة ويودّع "إل كابيتانو" فريقه الوحيد والأحب إلى قلبه، والذي تحوّل فيه إلى معبود لجماهير "الجيالوروسي". في 27 أيار الحالي تحديداً، وفي المباراة أمام جنوى في الدوري الإيطالي، سيقول توتي وداعاً لملعب "أولمبيكو" الذي عاش فيه أجمل اللحظات وكتب فيه أجمل الذكريات. سيذرف "إل كابيتانو" لا شك دمعة الوداع كما الجماهير الهائمة بحبه، التي لم تحد أبداً عن عشقه.
في روما، ذكْر اسم توتي مدعاة للفرح. هذا الفرح الكثير الذي زرعه صاحب القميص الرقم 10 الأزلي في عشب "أولمبيكو" بأهدافه الرائعة وتسديداته الخارقة وتمريراته الساحرة حتى غدا أفضل هداف في تاريخ فريق "الذئاب" بـ307 أهداف، فضلاً عن أنه أكثر لاعب ارتدى قميصه في 783 مباراة حتى الآن مذ مباراته الأولى بقميصه في 28 آذار عام 1993. يا لهذه السنوات كيف مضت، كلمح البصر! هكذا هم اللاعبون الكبار يسرقون منا الوقت. يُبحرون بنا في قارب سحرهم فننسى معهم الزمان.
أما عن روما وتوتي، فتلك قصة خيالية أخرى، لا يفقهها إلا القلة. لروما الكثير على توتي كما لتوتي الكثير على روما. هي توّجته "الملك" وهو رسم البسمة على ثغرها. مع توتي عاشت روما أحلى الأيام وقارعت كبار الطليان وتمكنت من الاستيلاء على حكم "الكالتشيو" عام 2001 كما على لقبين في الكأس عامي 2007 و2008 ومثلهما في السوبر الإيطالية عامي 2001 و2007.
روما أحبّت توتي كما لم تحب لاعباً من قبله. غدا فيها الطفل المدلل والرمز والأيقونة والبطل الأوحد.
لكن روما لن تبكي وحدها فراق توتي. إيطاليا كلها ستحزن على اعتزال لاعب استمتعت بسحره في ملاعبها وعلى لاعب ارتدى قميص منتخبها ورفع كأس العالم في صيف ألمانيا عام 2006، والأهم على لاعب يشكل نموذجاً للوفاء لفريقه الذي بقي معطاءً له حتى سن الـ40 عاماً، غير آبه بكل المغريات الخارجية، وما أكثرها.
بالأمس، قال مونشي، المدير الرياضي الجديد لروما، في مؤتمر صحافي، الجملة التي لم تُرد على الإطلاق جماهير روما سماعها: "توتي يخوض موسمه الأخير وسينتقل إلى الفريق الإداري". أتت اللحظة التي لطالما هرب منها هؤلاء. أيام قليلة ويغيب توتي عن عشب ملعب "أولمبيكو"، لكن ذكرياته الكثيرة ستظل محفورة في عقول أبناء روما وقلوبهم.