عشية انطلاق كأس القارات في روسيا، كثر المنتقدون لهذه البطولة، فكان رئيس الاتحاد الألماني راينهارد غريندل السبّاق بانتقاده توقيتها، ليثير أيضاً الشكوك حول مستقبلها، إذ أشار إلى أن اللاعبين الدوليين يحتاجون إلى قدر أكبر من الوقت للتعافي بين الموسم المنقضي الذي يليه، خصوصاً أن كأس العالم لا تبعد سوى 12 شهراً.
ولم يكن رأي مدرب «المانشافت»، يواكيم لوف، مغايراً، بل أقسى مما قاله غريندل، إذ حبّذ إلغاء هذه البطولة، نظراً إلى كثرة المباريات التي يخوضها اللاعبون، إذ إن كأس القارات ستكون ثالث بطولة عالمية تخوضها ألمانيا في ثلاثة أعوام، بعد كأس أوروبا 2016 وكأس العالم 2014. لا يرى لوف أن الأمر متعب على الصعيد البدني وحسب، بل على الصعيدين العاطفي والنفسي أيضاً، لذا لا يجب، حسب قوله، الاستمرار فيها.
وسبق لألمانيا أن شاركت في نسختين، الأولى عام 1999، والثانية عام 2005 على أراضيها استعداداً لاستضافتها مونديال 2006، وهي غابت عن نسخة 1997، رغم أنها كانت بطلة لأوروبا في العام الذي سبقه. فرنسا أيضاً لم تُعِرْ أي أهمية للبطولة سابقاً، فغابت عن نسخة 1999 بعد فوزها بمونديال 1998 لتعود بعدها وتحرز اللقب عامي 2001 و2003.

متابعة عادية

ولا تتوقف الأمور عند هذا الحد فقط، بل إن المتابعة الإعلامية لا تتشابه مع المتابعة التي حصلت عليها «يورو 2016» أو كأس العالم قبلها. أبسط مثل يبرهن عن هذا الأمر، هو سؤال أي شخص عن موعد انطلاقتها، ليجيبك بعدم المعرفة. وإذا ما عرفوا، فإن النتائج لن تكون ذات أهمية كبيرة لهم.
تتشابه هذه البطولة مع البطولات الودية التي لا يذكر أحد بعد انتهائها بفترة، المتوَّج بها أو صاحبي المركز الثاني والثالث. ولا شك في أنها بوضعها من قبل «الفيفا» عام 2004، قبل عام من المونديال، جعلها «بروفة» للبطولة الكبرى التي تليها بسنة. ولا شك في أن قرار جعل البلد المضيف لكأس العالم، هو المضيف لها، يجعل منها بطولة اختبارية للبلد على كل الصعد من الملاعب والفنادق والتنقلات، قبل استضافة المونديال.

غياب الكبار

سبب آخر يضعف من مستواها، هو أن المنتخبات المشاركة فيها ليست كلها كبيرة. لا البرازيل هنا ولا الأرجنتين، ولا إيطاليا أو فرنسا، بل كل المنتخبات المشاركة تعد منتخبات من «الصف الثاني» إلا ألمانيا والبرتغال. مع ذلك، ورغم مشاركة «المانشافت»، إلا أن لوف آثر خوض غمار البطولة بتشكيلة رديفة لا تضم سوى ثلاثة لاعبين من الذين توجوا بلقب مونديال 2014 في البرازيل، حيث ضمت التشكيلة سبعة لاعبين لم يخوضوا بعد أي مباراة دولية، لتفضيل المدرب إراحة نجومٍ مثل مسعود أوزيل وتوماس مولر وجيروم بواتنغ وماتس هاملس وطوني كروس.

دعا مدرب ألمانيا
يواكيم لوف إلى إلغاء كأس القارات!



هذا الغياب للمنتخبات واللاعبين الكبار يضعف المنافسة، ويقلل حماسة الترقب للمباريات لدى الجماهير. وحده قائد البرتغال كريستيانو رونالدو سيكون النجم الذي يستحق المتابعة في هذه النسخة من البطولة، إذ يشارك فيها رغم أنه اعترف قبل نهائي دوري أبطال أوروبا بيقينه بعدم أهميتها. غيابه يعني انخفاض قيمة المنافسة أكثر مما هي منخفضة، وانخفاض الإعلانات والتسويق أيضاً لغياب وجه يمثل النجومية في كرة القدم.
عدم الاهتمام الكبير بها، يختصره مشهد الجوائز المالية المنخفضة مقارنة بجوائز المونديال وكأس أوروبا، فمجموع جوائز كأس القارات يقارب الـ 20 مليون دولار، بينما يصل مجموع جوائز كأس العالم إلى 700 مليون دولار. كذلك، يحصل المتوج بكأس القارات على 5 ملايين دولار؛ أما المتوج بكأس العالم فيفوز بـ 50 مليون دولار. ولا تصل حجم جائزة المنتخب المتوّج بكأس القارات إلى حجم المشارك فقط في «اليورو»، إذ يحصل كل منتخب هناك على 8 ملايين دولار!
كذلك، على صعيد الجماهير التي ستحضر إلى الملاعب، فالأرقام لا تبشّر بالخير على الإطلاق للروس. حتى يوم أمس، ما زال 30 بالمئة من عدد التذاكر المخصصة للمباريات التي تقدر بـ 695 ألف تذكرة غير مبيع، بحسب ما كشف رئيس اللجنة المنظمة للبطولة اليكسي سوروكين. وهذا ما لا يحصل في البطولات الكبرى، إذ تباع البطاقات قبل أشهر، ثم تصل أسعارها إلى مبالغ خيالية في السوق السوداء.