كانت هذه القاعدة الأشهر في كرة القدم ولا تزال: إذا أضعت الكثير من الفرص، فستتلقى شباكك الأهداف. هذا ما حصل أمس في المباراة النهائية لكأس القارات بين تشيلي وألمانيا.
وصل الـ«مانشافت» الى النهائي بالصف الثاني، وبوجوه شابة خالفوا جميع التوقعات، وتُوِّجوا باللقب، للمرة الأولى في تاريخهم بعد الفوز 1-0. لم يكن لاعبو مدرب المنتخب الألماني يواكيم لوف يتخاصمون مع لاعبي تشيلي وحسب، بل مع زملاءهم أيضاً. كان الجميع يخطط للفوز، إذ إن لوف وعد بأنه سيصطحب معه اللاعبين البارزين الى مونديال روسيا المقبل 2018.
كان لوف قد قال إن كل اللاعبين يتنافسون مع بعضهم البعض، ويسعون للاستمرار في تمثيل المنتخب الأول. وهذه نتائج المنافسة الإيجابية في ما بينهم. وهذا مما لا شك فيه أنه أدى الى إخراج كل اللاعبين لكل طاقاتهم، واضعينها في إطار العمل الجماعي الذي أثمر في النهاية كأساً جديدةً لخزينة الماكينات بعد التتوييج سابقاً بكأس العالم في 4 مناسبات، والـ«يورو» 3 مرات.

وعد لوف بأنه سيصطحب معه اللاعبين البارزين إلى مونديال 2018


مشهد تتويج شباب الألمان ليس مشهداً عابراً في كرة القدم، يل يمكن القول فيه إنه يؤسس لمرحلة جديدة فيها. مرحلةٌ برهن فيها لوف على أنه يمكن لجميع المنتخبات والمدربين أن يعتمدوا على اللاعبين الشباب في البطولات الكبرى، لا على لاعبي الخبرة وحسب. بمعنى آخر، يمكن للمنتخبات أن يكون أكثر من نصف عدد لاعبيها يقاربون العشرين. النتائج لا تخيب معهم، وهذه التجربة ماثلة أمام الجميع. ألمانيا بخبرات لاعبيها على عرش مونديال 2014، وألمانيا بشبابها على عرش زعامة كرة القدم في العالم.
هذا ما يؤكد أن ما فعلوه في المونديال الأخير ليس محض صدفة، بل هي آثار عمل طويل وشاق استمر سنين طويلة، ولا يزال على حاله، ولا يبدو أنه سيتغير.
الفوز على تشيلي بطل أميركا الجنوبية يختصر المشهد، ويقدم صورة عما ستعيد ألمانيا تقديمه في المونديال المقبل. إنه اللقب الثاني في غضون ثلاثة أيام: الأول بيورو الشباب، والثاني بكأس القارات، وليلة أمس كانت ميلاداً جديداً لعدد من اللاعبين الصغار الذين أعلنوا أنّ أسماءهم ستحفظها كرة القدم في المستقبل القريب.
بالعودة الى المباراة، بدأ الضغط تشيليانياً. وبدت حماسة اللاتينيين وعزمهم على التتويج بالبطولة. ضغط كبير على اللاعبين الصغار، ومن الدقائق الأولى كانت الفرص خطيرة وتلامس خط مرمى الحارس مارك أندريه تير شتيغن.
الأخير صد بعضها، وأخذ الدفاع على عاتقه بعضها الآخر، ولا يمكن الهروب من القول إن الحظ لم يكن الى جانب أرتورو فيدال وألكسيس سانشيز على الإطلاق.
وفي خضم ضغط تشيلي الكبير، استفاد الألمان من مرتدة سريعة، حيث استغل تيمو فيرنر خطأً لا يغتفر من المدافع التشيلياني مارسيلو دياز، ومرر على طبق من ذهب الكرة الى لارس شتيندل ليسجل هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 20.
لا حاجة للنجوم الأفراد في ألمانيا، لا الأرجنتيني ليونيل ميسي ولا البرتغالي كريستيانو رونالدو، فعملهم يعتمد على المنظومة الجماعية. وهذا ما ظهر بلائحة هدافي البطولة، إذ تصدرها ثلاثة لاعبين ألمان سجل كل منهم 3 أهداف، وهم: ليون غوريتسكا وفيرنر وشتيندل.
لم يهدأ التشيليانيون، كما حاول لاعبو ألمانيا الاستفادة من بعض الفرص، لكن النتيجة بقيت على حالها دون تغيير في الشوطين الأول والثاني.
فاز الألمان وحافطوا على سجلهم خالياً من الهزائم، وهي السلسلة التي بدأوها منذ توديع يورو 2016، على يد فرنسا، بهدفين دون رد في نصف النهائي. من وقتها، لم تخسر ألمانيا أي مباراة خاضتها بعد الخروج من الـ«يورو»، حيث حققت 11 انتصاراً مقابل 3 تعادلات. وليلة أمس، كان الفوز الـ 12 الذي حمل توقيع لوف مرةً أخرى. بوجوده، بإمكان الألمان أن يبقوا مطمئني البال إلى مستقبل منتخب بلادهم.