في عام 1994 وخلال احدى رحلات المنتخب الهولندي في الولايات المتحدة خلال نهائيات كأس العالم توقفت محركات الطائرة فوق المحيط الاطلسي. لحظات من الرعب عاشها كل من كان على متنها، قبل ان تتدخل القدرة الالهية وتعود المحركات الى العمل على نحو طبيعي.
لكن تلك الحادثة لم تمرّ مرور الكرام عند نجم المنتخب البرتقالي دينيس بيرغكامب الذي ومع نهاية المونديال أقسم إنه لن يركب الطائرة مجدداً، فأصبحت هذه «الفوبيا» جزءاً من كل عقدٍ يوقّعه في فترةٍ لاحقة، وتحديداً عند انضمامه الى ارسنال الانكليزي حيث اشترط عدم السفر مع الفريق الا برّاً، وهو الذي تحول النجم الاول في صفوف «المدفعجية» وغاب عن مباريات عدة بسبب خوفه من الطيران.
«الفوبيا» التي اصابت الهولندي ربما راودت العديد من نجوم الكرة دائماً، اذ ان كرة القدم هي اكثر الرياضات استهلاكاً للطيران الى جانب كرة المضرب التي يدور رياضيوها حول العالم ايضاً للمشاركة في الدورات المختلفة. وهذه المسألة دفعت مناصري البيئة حتى الى الاعتراض، متّهمين هاتين الرياضتين باحداث التلوث حول العالم لشدة استخدامهم الطائرات!
من هنا، ومع اتساع رقعة المسابقات الدولية التي تجمع الاندية والمنتخبات، كان لا بدّ من ان تكون كوارث الطيران حاضرة ومتوقعة ولو ان كثيرين يرون في الطائرة وسيلة آمنة للسفر اكثر من القطار او السيارة، لكن حوادث الطائرات كروياً كانت كارثية بكل ما للكلمة من معنى حيث محت فرقاً عن بكرة أبيها.

وهذا الامر ينطبق تماماً على فريق شابيكوينسي البرازيلي، الذي لم يكن يملك شهرة واسعة حول العالم حتى الأمس القريب برغم انه كان في طريقه الى كولومبيا لخوض اولى مباراتي نهائي «كوبا سوداميريكانا» فتحطمت طائرته وقضى غالبية لاعبيه بحسب آخر المعلومات التي ذكرتها وسائل الاعلام البرازيلية.
وكرة القدم التي لطالما حملت الفرح الى الشعوب، حملت ايضاً الدموع جراء حوادث من هذا النوع. هذه الحوادث التي اختفت منذ عام 1993، الذي شهد مأساة كبيرة للمنتخب الزامبي الذي سافر الى السنغال لخوض احدى مباريات تصفيات كأس العالم، لكنّ عطلاً طرأ على احد محركات الطائرة فأخطأ قائدها باطفاء محركٍ آخر لتتحطم الطائرة ويقتل 18 لاعباً، لم يكن بينهم نجم المنتخب وقتذاك كالوشا بواليا، الذي انتقل من هولندا حيث كان يلعب الى السنغال للقاء منتخبه.

كرة القدم هي
اكثر الرياضات استهلاكاً للطيران الى جانب
كرة المضرب


كارثة هزّت العالم الكروي وبقيت في الاذهان، لكن اللافت ان المنتخب الزامبي الجديد بلغ في السنة اللاحقة نهائي كأس أمم افريقيا وخسره امام نيجيريا، قبل ان يشاء القدرويفوز باللقب عام 2012 على بعد مئات الامتار من مكان تحطم الطائرة في ليبرفيل.
قبلها بستة اعوام عاش اشهر اندية البيرو، أليانزا ليما، الكارثة بتحطم طائرة داخلية كانت تقل افراد الفريق، الذي يمثّل نادياً فاز باللقب المحلي 22 مرة، اذ لم ينجُ سوى قائد الطائرة من بين الركاب الـ 44 الذين قضوا عامذاك.
عام 1979 وقعت الكارثة في آسيا بعد اصطدام طائرة كانت تحمل على متنها فريق باختاكور الاوزبكي الشهير، مع طائرة اخرى ليختفي الفريق بكامله. وهذا الامر حصل مع فريق ذا سترونغست البوليفي الذي اصطدمت طائرته بأحد الجبال عام 1969.
الستينيات كانت فترة سوداء على كرة القدم مع الكارثة التي حلّت بفريق غرين كروس التشيلياني ايضاً عام 1961. لكن تبقى الكارثة التي ضربت مانشستر يونايتد الانكليزي عام 1958، احدى اشهر حوادث الطيران التي اصابت اندية كرة القدم في العالم. «كارثة ميونيخ» حطّمت الفريق الشهير للمدرب «السير» مات باسبي، الذي فقد 8 من لاعبيه على رأسهم النجم دانكن ادواردز، بعد تحطم الطائرة عند اقلاعها من المدينة الالمانية بسبب الثلوج وسوء الاحوال الجوية، وذلك اثر توقفها لتعبئة الوقود في طريقها الى بلغراد حيث كان منتظراً ان يخوض «الشياطين الحمر» مباراة مع النجم الاحمر.
صحيح ان تلك الحادثة تركت اثراً في عالم الكرة، لكن قبلها لا يمكن تجاهل تلك المأساة التي قضت على فريق تورينو الايطالي كاملاً، ما دفع الاتحاد الايطالي الى اقرار سفر منتخبه الى البرازيل بحراً، من اجل خوض نهائيات كأس العالم عام 1950.

الحزن كبير بلا شك عند استعادة كل هذه المشاهد او الاطلاع على صورها. الحزن اكبر كان امس مع تناقل فيديوهات لفريق شابيكوينسي محتفلاً قبل ايام قليلة بتأهله الى نهائي البطولة القارية واصبحت الآن غرف الملابس نفسها التي احتفل فيها فارغة. الحزن اكبر مع سماع كلمات مدربه كايو جونيور الذي قال عقب التأهل الى النهائي: «اذا مت اليوم فانني سأموت سعيداً». وهذا ما حصل.




العالم يعيش الصدمة

عاش عالم الكرة بنجومه وانديته من مختلف القارات حالة صدمة اثر نبأ تحطم طائرة فريق شابيكوينسي، وقد عبّر رئيس «الفيفا» السويسري جياني إنفانتينو عن «صدمته وحزنه الشديد» لهذه المأساة.
وكتب أتلتيكو مدريد الإسباني الذي لعب في صفوفه سابقاً لاعب شابيكوينسي كليبر سانتانا في حسابه على «تويتر»: «تأثرنا بحادث الطائرة التي كانت تقل فريق شابيكوينسي الذي يلعب في صفوفه لاعبنا السابق كليبر سانتانا. تعازينا لأسر الذين قضوا في الحادث. أرقدوا بسلام».
من جهته، غرّد مانشستر يونايتد الإنكليزي على «تويتر»: «أفكار مانشستر يونايتد مع شابيكوينسي وجميع الذين تضرروا من المأساة في كولومبيا». اما تورينو الايطالي الذي تجرّع مرارة حادثة من هذا النوع سابقاً فكتب على «تويتر: «مصدومون من مأساة شابيكوينسي. انه القدر الذي يربط بيننا بشكل وثيق».





كُتب لهم عمر جديد

مع وقوع كارثة الطائرة التي كانت تقل فريق شابيكوينسي بدأت المعلومات تتضارب عن اللاعبين الناجين الذين عُرف منهم المدافعان آلن روشل وهيليو هيرميتو زامبيير نيتو (الصورة)، بحسب ما أكدت السلطات الكولومبية، بينما أفادت تقارير صحافية بأن الحارسين دانيلو وجاكسون فولمان كانا من بين الناجين أيضاً لكن السلطات لم تؤكد الخبر.
كذلك، بدأت الاخبار تُتناقل حول من كُتب له عمر جديد بنجاته من هذه الكارثة، اذ عُلم ان الأرجنتيني أليخاندرو مارتينوسيو نجا بأعجوبة بعدما تعرض للإصابة قبل المباراة ولم يستقل الطائرة مع زملائه، اضافةً الى ثلاثة لاعبين آخرين كان المدرب جونيور كايو قد استبعدهم من التشكيلة. كايو الذي قضى في حادثة التحطم بقي نجله على قيد الحياة لكونه نسي جواز سفره ولم يستطع مرافقة البعثة.
ولفت طلب فريق أتلتيكو ناسيونال الكولومبي (الطرف الآخر في النهائي) من الاتحاد المذكور منح شابيكوينسي لقب البطولة.