العودة الى المباريات الـ 108 التي لعبها بايرن ميونيخ مع بوروسيا دورتموند (فاز البافاري بـ 50 منها) تأخذنا الى استذكار الكثير من المشاهد الجميلة، إذ إن هذه القمة لم تسقط منها المتعة يوماً، فهي عبارة عن موقعة بين غريمين تقليديين، لا بل أصبحا عدوين في العصر الحديث للعبة بسبب السياسة التي انتهجها النادي البافاري تحديداً، والذي دأب على خطف أبرز النجوم من الفرق المحلية، وكان دورتموند على رأسها في الأعوام الأخيرة.
من هنا، تأخذ المباراة التي ستقام على ملعب "سيغنال إيدونا بارك" في دورتموند أبعاداً كثيرة كالعادة، لكن هذه الأبعاد قد تضاف إليها مسألة تاريخية يرصدها الطرفان، وهي الانفراد بالرقم القياسي لعدد الفوز بلقب السوبر الذي كان من نصيب كلٍّ منهما في خمس مناسبات.
والأهم من كل هذا أن لقاء الليلة سيكون مفتوحاً على كل الاحتمالات، لا انطلاقاً من النقاط المذكورة أعلاه فقط، بل من خلال وضع الفريقين اللذين عاشا فترة صعبة خلال الاستعدادات للموسم الجديد، حيث تلقيا الهزائم من كل حدبٍ وصوب.
صاحب الضيافة يعيش مرحلة انتقالية حالياً، إذ يبدو أن لاعبيه لم يتشرّبوا حتى الآن فلسفة المدرب الجديد الهولندي بيتر بوش، ويحتاجون الى وقتٍ من أجل تظهير أفكار الرجل الذي نقل أياكس أمستردام الى مرحلة أخرى في الموسم الماضي، فكان بلوغه معه نهائي "يوروبا ليغ" بمثابة جواز السفر الى دورتموند للإشراف على فريقها الذي يعدّ ثاني أكبر فريق في ألمانيا بعد البايرن.

يتقاسم الفريقان
عدد مرات الفوز
بالكأس السوبر

أما الضيف، فإنه، رغم فوزه بلقب "البوندسليغا" في الموسم الماضي، لم يجد حتى الآن هوية واضحة مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي تابع فريقه يسقط في معظم مبارياته الودية خارج الحدود الألمانية. ببساطة، ما بات واضحاً أن الفريق البافاري مستمر في النسج على منوال الموسم الماضي مع مدربه غير المقنع، والذي شرع في إجراء تجارب كثيرة على الأساليب والاستراتيجيات التي تدور في باله، وكان آخرها اعتماده على خط دفاع متقدّم، ما تسبّب بتلقي بطل ألمانيا خسارة مذلة أمام ليفربول الإنكليزي، وصفها المدافع الدولي ماتس هاملس بأنها الأسوأ في مسيرته الكروية حتى الآن.
ومسألة الدفاع هذه ومشاهدة ما فعله السنغالي ماديو سانيه والمصري محمد صلاح ببايرن في تلك المباراة، تدفعاننا الى ربط ما حصل بلقاء الليلة، إذ إن دورتموند يمكن أن يعاقب ضيفه بالطريقة نفسها لو اعتمد النهج ذاته، فالفريق الأصفر والأسود يملك "صواريخ" على طرفي الملعب، إذ يكفي ذكر اسمي الغابوني بيار إيميريك أوباميانغ والفرنسي عثمان ديمبيلي لنتخيّل ما قد يحصل، علماً بأنهما كانا الأبرز في المباريات الاستعدادية رغم التشويش الكبير الذي عاشاه بفعل تناول اسميهما في سوق الانتقالات طوال الأسابيع الماضية.
وبالحديث عن سوق الانتقالات، يبرز تشابه اليوم في ما عمل عليه بايرن ودورتموند عشية انطلاق الموسم الجديد، إذ بدا كأن كلاًّ منهما ينسخ الآخر في طريقة تعاطيه مع السوق وردات فعله.
النادي الأكثر تتويجاً في ألمانيا شرع في نسخ التجربة الناجحة لدورتموند من خلال تعاقده مع لاعبين شبان للمستقبل، والدليل ضمه المدافع نيكلاس شوله ولاعبي الوسط سيباستيان رودي والفرنسي كورنتان توليسو والجناح سيرج غنابري الذي أعاره الى هوفنهايم، وذلك على الرغم من أنه يملك العديد من اللاعبين المميزين في المراكز المذكورة.
في المقابل، يعمل دورتموند بأسلوب بايرن القاسي لمواجهة الطامعين في الحصول على نجومه، وهو نجح حتى الآن في كبح جماح "الغزاة"، فصدّ كل من طرق بابه راغباً طالباً توقيع أوباميانغ، تماماً كما فعل بايرن في المواسم الأخيرة خلال صراعه للحفاظ على نجمه وهدافه البولوني روبرت ليفاندفسكي.
إذاً، هي موقعة لطالما كانت منتظرة، لكن عند القراءة الفنية للوضع الحالي للفريقين، تبدو المطامع كبيرة في رؤية مهرجان تهديفي قبل معالجة الفريقين مشاكلهما الدفاعية.




الدرع الخيرية غداً


تقام غداً الساعة 16.00 المباراة التقليدية على الدرع الخيرية، التي تجمع سنوياً بين بطلَي الدوري والكأس في إنكلترا، حيث سيخوضها هذه المرة على ملعب "ويمبلي" الشهير، قطبا لندن تشلسي وأرسنال. وكان لافتاً عشية اللقاء ما قاله مدرب "البلوز" أنطونيو كونتيحول عن عدم شعوره بالرضى تجاه قوة التشكيلة الحالية لفريقه، وذلك قبل أسبوع على بداية حملة الدفاع عن لقب الدوري الإنكليزي الممتاز الذي توّج به في أيار الماضي.