صحيح أن بطولة آسيا لكرة السلة التي ستنطلق اليوم لم تأخذ نفس الضجة التي عرفتها كأس آسيا لكرة القدم عام 2000، لكن الأكيد أن هذه البطولة لها خصوصية معيّنة من حيث الأهمية، لكونها قد تشكل مفترق طرق للعبة في لبنان.
الكثير من الأخذ والردّ عرفه الرأي العام منذ اللحظة الأولى لإعلان استضافة لبنان لأقوى منتخبات القارة الآسيوية، لكن رغم كل الصعاب والعقبات وعلامات الاستفهام، ستبدأ البطولة لتترك كل الملفات العالقة وتلك المثيرة للجدل إلى ما بعد نهايتها في 20 الشهر الحالي.
كل التركيز الجماهيري الآن على المنتخب الوطني، بينما التركيز الرسمي على الجانب التنظيمي - الجماهيري، وهي مسائل لا يمكن فصلها عن بعضها، لكونها ستحدد نجاح البطولة من عدمها.
ففي الشق الأول، ورغم صعوبة المهمة بوجود منتخبات كبيرة على الأراضي اللبنانية، إن نجاح المنتخب اللبناني الذي يبدأ المشوار بمواجهة كوريا الجنوبية (الليلة الساعة 21.00)، في إحراز اللقب الكبير، سيكون النجاح التام للبطولة، ويبرّر سبب استضافتها، في ظل أوضاع مالية واقتصادية صعبة، ويعكس مدى أهميتها بالنسبة إلى لبنان، ولو أن هذا اللقب سيكون معنوياً لا أكثر.
فنياً، يملك منتخبنا حظوظاً للذهاب إلى الأدوار الأخيرة، وهو يتمتع بتشكيلة متوازنة تجمع بين الشباب وأصحاب الخبرة الذين عرفوا تجارب آسيوية مختلفة سابقاً. كذلك اتفق بعض اللاعبين في مجالس ضيّقة على أن المدرب الليتواني راموناس بوتاوتاس هو أحد أفضل المدربين الذين مرّوا على المنتخب في الأعوام العشرة الأخيرة، حيث بدا مدركاً لقدرات كل لاعب، وساعياً إلى إخراج الأفضل منه، إضافة إلى حسن درايته بخصومه، وعمله على إيصال كل تفصيل عنهم إلى لاعبيه من أجل تحقيق المطلوب.

غابت الحملات الإعلانية
التقليدية، وغاب معها كل ما
يحفز لاعبي المنتخب الوطني أو الجمهور للذهاب إلى الملعب

بدورهم، يرى اللاعبون أهمية خاصة في البطولة، فهم رغم ابتعادهم عن أجواء البطولة المحلية منذ فترة، لا يزال بعضهم يتطرق إلى نظام الأجانب الثلاثة الذي سيعتمد للموسم الثاني على التوالي، في وقتٍ كانوا ينتظرون فيه العودة إلى النظام القديم باعتماد اجنبيَّين على أرض الملعب، فيعقبون بالقول إن الفوز باللقب سيكون تأكيداً أن الكلمة الأعلى هي للاعب اللبناني، ليكون الردّ قاسياً على كل من تبنى هذا النظام المسيء إلى اللاعب المحلي، بحسب قولهم.
أما تنظيمياً، فلا يمكن الحديث عن الكثير، في ظل الحذر تجاه الميزانية المرصودة، فإذا ذكرنا أمثلة عن استضافة البطولات الكبرى، أو عدنا بالذاكرة إلى عام 2000 عندما استضاف لبنان كأس آسيا لكرة القدم، فإن الوافدين إلى بيروت لم يروا أي شيء يشير إلى حلول البطولة ضيفة في ربوع بلاد الأرز. غابت الحملات الإعلانية التقليدية، وغاب معها كل ما يحفز لاعبي المنتخب الوطني أو الجمهور للذهاب إلى الملعب، وهي مسألة أساسية وحساسة وضرورية، إذ تبدو زوق مكايل وكأنها المعنية الوحيدة بالحدث القاري، لكون ملعب نهاد نوفل هو الملعب الرئيسي الحاضن للمباريات.
وبطبيعة الحال، إن النجاح التنظيمي هو ضرورة ملحّة، لكون لبنان بحاجة إلى استعادة ثقة المجتمع الرياضي الدولي في استضافة الأحداث الكبرى، وطبعاً المجتمع السلوي الآسيوي بعدما تلطخت سمعة اللبنانيين عقب الإيقاف الشهير قبل 4 أعوام ليغيب «رجال الأرز» عن البطولة للمرة الأولى منذ عام 1999.
كذلك، إن الجانب الجماهيري هو على قدر عالٍ من الأهمية، ولهذا السبب يُذكَر الأمر في سياق الكلام عن التسويق والتنظيم. وهذا الجانب بحسب مصادر خاصة كان القلق الأكبر بالنسبة إلى المنظمين لاعتبارين: الأول هو حجم مدرجات ملعب نوفل الذي لا يبدو سهلاً ملء كل مقاعده، والثاني هو أسعار البطاقات التي لا تبدو في متناول الجميع، وخصوصاً أولئك الذين لا يعدّون رواداً دائمين في ملاعب كرة السلة.
اذاً هي حلقة متصلة، فدقّة التنظيم عبر صبغ البطولة بجاذبية معيّنة ستشد الجمهور إليها لتعكس المدرجات صورة حقيقية عن ثقافة موجودة في لبنان، وهي ثقافة كرة السلة. وبالتأكيد إن حضور الجمهور بأعدادٍ كبيرة سيشكل محركاً إضافياً لقطار المنتخب الذي يؤمل أن ينطلق بأقصى سرعته، فأيّاً كانت سلبيات المرحلة الماضية التي ارتبطت بهذه البطولة، فإن العين تبقى على منتخب الوطن، وهو الوحيد الذي يعدّ مِلكاً للبنانيين، لا لجهةٍ معيّنة، ونجاحه للجميع دون استثناء، لا لهذا الفريق أو ذاك.

="" title="" class="imagecache-2img" />
للصورة المكبرة انقر هنا